عبدالرحمن البلاونه
تنشط في هذه الأيام الفضيلة، وفي معظم أيام السنة، ظاهرة التسول التي حرمها الإسلام وذم المتسولين، إلا لحاجة كالفقر الشديد، لما فيها من أضرار على المجتمع واستغلالاً للناس وحفظاً لكرامة الإنسان، وصون لها.
وكذلك جرم قانون العقوبات الأردني، هذه الظاهرة التي يمارسها الكثيرون، كمهنة مدرة للدخل بأيسر الطرق في ظاهرة اجتماعية سلبية ومزعجة ومسيئة، تغزو مدن المملكة وتشوه المظهر الحضاري للمجتمع بشكل كبير ولافت للانتباه، وتؤرق المواطنين .
وينتشر عدد كبير منهم ومن كلا الجنسين، ومن مختلف الفئات العمرية على إشارات المرور، وفي الجزر الوسطية، وعلى الأرصفة، بصور وأشكال متعددة، فمنهم من يتستر خلف بيع “العلكة”، ومنهم من يقوم بمسح زجاج المركبات، ومن بينهم نساء يحملن أطفالا يرتدون ثياباً رثة، ومنهم من لديه إعاقة جسدية يستغلها لاستجداء عطف المواطنين، مشكلين بذلك خطورة على أنفسهم وعلى غيرهم من مستخدمي الطريق، معرضين حياتهم لخطر الدهس عند تسابقهم على المركبات التي تتوقف على الإشارات الضوئية بشكل مخجل .
وتطورت هذه الظاهرة التي أصبحت في معظم الأحيان تُدار بشكل منظم، من قبل أشخاص يمتلكون الخبرة الكافية، ولديهم عدد لا بأس به من الموظفين ” المتسولين” الذين ينتشرون على إشارات المرور وفي الأسواق والأماكن المزدحمة يستعطفون المواطنين ويستغلون طيبتهم، حيث وصل بهم الأمر إلى الإساءة لمن لا يعطيهم الأموال، ويتم التواصل بين المتسولين، من خلال الهواتف الخلوية، لتحذير بعضهم لمغادرة أماكنهم عند بدء الحملات الأمنية ضدهم.
وللحد من هذه الظاهرة، تقوم فرق مكافحة التسول التابعة لوزارة التنمية الاجتماعية بمتابعتهم من خلال تنفيذها لحملات على أماكن تواجدهم، خاصة عند إثارة هذه القضية عبر المحطات الإذاعية والصحف، حيث يتم القبض على بعضهم، وفرار آخرين، ويتم اتخاذ العقوبات بحقهم، والتي تكون في معظم الأحيان غير رادعة، مما يشجعهم على العودة إلى ممارسة عملهم الذي امتهنوه بعد فترة قصيرة من الوقت.
إن القضاء على هذه الظاهرة مسؤولية مجتمعية مشتركة، تبدأ بتقديم برامج توعية من خلال الإذاعات المحلية، وشاشات التلفاز، وخطب الجمعة، لكشف خطورة هذه الظاهرة، وحث المواطنين على عدم التعاطف والاستجابة لهؤلاء المتسولين الذين امتهنوا التسول ليس لحاجة، وإنما لأنه من أسهل الطرق للكسب غير المشروع، دون جهد وعناء، وأصبحوا يمتلكون العقارات والمركبات والاستثمارات عن طريق التسول وجمع الأموال بغير وجه حق، ودعوتهم لتوجيه صدقاتهم وما تجود به أنفسهم إلى الجمعيات الخيرية المتخصصة بتقديم الدعم والرعاية للمحتاجين، وتكثيف حملات المكافحة، وتطبيق العقوبات الرادعة بكل حزم.