صدى الشعب – بعد أن أثارت قضية اغتيال أجهزة أمن السلطة الفلسطينية، لقائد كتيبة جنين في الضفة الغربية المحتلة، “يزيد جعايصة”، وما نتج عنها من حالة غضب وتنديد واسعة ومتصاعدة في الشارع الفلسطيني، حتى بدأت تفاصيل هذه الحادثة تتكشف تفاصيلها تدريجيًا.
السلطة الفلسطينية، التي حاولت بكل جهد التكتم على الحادثة وعدم نشر أي تفاصيلها عنها، وذلك خشية من الردود الغاضبة والتي تشتد يومًا بعد يوم خاصة انها تواكب الحملة الأمنية التي تُشن على مدينة جنين ومخيمها، بحجة “بسط الأمن”، لكن يبدو أن سر هذه الحادثة لن يستمر طويلا.
الكاتب والمدون السياسي إياد الطوخي، فجر مفاجأة مدوية عن السر الخطير الذي دفع أجهزة أمن السلطة الفلسطينية لاغتيال المطلوب لجيش الاحتلال وقائد كتيبة جنين التابعة لسرايا القدس الجناح العسكري لحركة الجهاد الإسلامي، “يزيد جعايصة”، خلال هجومها الشرس على مخيم جنين شمالي الضفة الغربية المحتلة. وكتب الطوخي تغريدة جاء فيها “إن المقاوم يزيد جعايصة صادر قبل فترة وجيزة قطعتي سلاح من عناصر السلطة الفلسطينية الذين يحرسون قبر يوسف من أجل أمن المستوطنين الذين يزورونه دوريًا”.
وأشار إلى أن جعايصة استبدل قطعتي السلاح بصفقة مع أجهزة السلطة خرج بموجبها 12سجينا من كتيبة جنين في مسلخ اريحا (بعضهم استشهد لاحقا). وذكر الطوخي في تغريدته، أن جعايصة قبلها أطلق النار على قدمي متخابر مع الاحتلال يظهر بشكل دوري على مواقع التواصل يشتم المقاومين وحركة “حماس”، مشيرًا إلى أن المتخابر تبين بعدها أنه ضابط في أجهزة أمن السلطة الفلسطينية، وفق موقع “شاهد”. وبين أن يزيد مطلوب من 4 سنوات لإسرائيل ومن القلة الذين تبقوا من الجيل المؤسس لكتيبة جنين. وختم المدون: “عرفتوا ليش السلطة اغتالته؟!”. –
حرب أهلية وصباح السبت اغتيل أحد قادة “كتيبة جنين”، خلال اشتباكات بين مقاومين وقوات أمن السلطة الفلسطينية في مخيم جنين، وأوقعت الاشتباكات إصابات بعضها خطيرة، في صفوف المدنيين، بينهم أطفال ونساء، وذلك ضمن الحملة الأمنية التي شنتها أمس أجهزة السلطة على جنين ومخيمها، ولا تزال مستمرة حتى اللحظة، بحجة “بسط السيطرة الأمنية”.
العميد أنور رجب، الناطق باسم أجهزة أمن السلطة الفلسطينية، أكد أن الأجهزة الأمنية تعمل على إنهاء ما أسماها حالة “الفوضى والفلتان الأمني” في مخيم جنين بالضفة الغربية، موضحًا الأجهزة الأمنية تهدف إلى إفشال أي محاولات تخدم أهداف الاحتلال، مشددًا على أنها تسعى “لمنع تكرار سيناريو غزة”.
وأشار رجب إلى أن السلطة الفلسطينية تمكنت من “إحباط كارثة” في مخيم جنين، وذلك بالسيطرة على مركبة مفخخة أعدها من وصفهم بالخارجين عن القانون. من جهته، قال القيادي في حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عبد الرحمن شديد، إن ما تنفذه السلطة بالضفة الغربية هو استهداف واضح للمقاومة المتصاعدة، داعيا إلى “تعزيز الحالة الوطنية لا تصفية القادة الميدانيين”، مضيفًا أن الأجهزة الأمنية الفلسطينية في الضفة الغربية قتلت 13 فلسطينيا منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023. وأكد أن هذه العمليات تسهم في استدعاء فتنة داخلية في ظل المجازر التي يرتكبها الاحتلال في غزة، داعيًا السلطة إلى التوقف عن هذه الإجراءات التي وصفها بمطاردة للحالة الوطنية التي تتشكل لمقاومة الاحتلال.
كما حذرت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، في بيان أصدرته، من تفاقم حالة الاحتقان والتوتر المتصاعدة في جنين ومخيمها منذ عدة أيام، وأكدت أن “حماية الوطن لا تكون إلا بدرء الفتن والوقوف صفا واحدا في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي. من جهته، قال الناطق باسم كتيبة جنين في سرايا القدس إن على السلطة أن تبادر إلى حل الأزمة الحالية بسحب عناصرها من جنين، مضيفا أن “عنجهية السلطة وأجهزتها الأمنية هي ما أوصلتنا إلى هذه النقطة”.
وتساءل قائلا “هل سيادة القانون تعني إسقاط عدد من الشهداء من أبناء شعبنا اليوم؟”، مشددا على أن “من أعدموا الشاب ربحي بدم بارد هم الخارجون عن القانون”، مضيفًا “نحن وجميع فصائل المقاومة نقوم بأداء فريضة الجهاد في سبيل الله”.
وقبل يومين، أقرّت السلطة الفلسطينية بمسؤوليتها عن مقتل الشاب ربحي الشلبي (19 عاما) في مدينة جنين خلال اشتباكات اندلعت الأسبوع الماضي مع مسلحين فلسطينيين.
ومنذ بداية معركة “طوفان الأقصى” في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 قتلت أجهزة أمن السلطة 13 فلسطينيا في الضفة الغربية. وبدأت أحداث مخيم جنين باعتقال أجهزة السلطة إبراهيم طوباسي وعماد أبو الهيجا، مما أثار غضب “كتيبة جنين” التي احتجزت سيارات تابعة للسلطة كرهينة للمطالبة بالإفراج عنهما، ورفضت السلطة ذلك المطلب وأرسلت رسالة واضحة بأن هدفها إنهاء حالة المقاومة وتسليم السلاح، وهو ما رفضه المقاومون.
وتصاعدت الأحداث مع مقتل الشاب الشلبي خلال عمليات أمن السلطة، التي حاصرت مستشفى جنين وقطعت الكهرباء والمياه عن المخيم. وتندلع عادة اشتباكات بين مقاومين وعناصر الأمن الفلسطيني في مدن شمال الضفة، خاصة في جنين وطولكرم، تزامنا مع الاجتياحات المتواصلة لقوات الاحتلال واعتداءات المستوطنين والإبادة الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني في غزة. وتتهَم أجهزة أمن السلطة الفلسطينية باعتقال مطلوبين للاحتلال الإسرائيلي، مما يزيد تعقيد الوضع في الضفة الغربية.
وتعتقل أجهزة السلطة في الضفة المحتلة -وفق بيانات حقوقية- أكثر من 150 مواطنا فلسطينيا، بينهم مقاومون ومطاردون من قِبل الاحتلال وطلبة جامعات وأسرى محررون ودعاة وكُتاب وصحفيون، وترفض الأجهزة الإفراج عنهم، رغم صدور قرارات قضائية بالإفراج عنهم أكثر من مرة. –
حل السيطرة على جنين هذا ونقلت قناة “i24NEWS”، عن مسؤول كبير في السلطة الفلسطينية، أن “أبو مازن وجه تعليماته لقوات الأمن بضرورة تحقيق السيطرة الكاملة على معسكر جنين، والقيام بذلك بأي ثمن”، مضيفًا أن “عملية قتل قائد كتيبة جنين بدأت بعد مفاوضات طويلة طُلب فيها من المسلحين إلقاء أسلحتهم، فرفضوا”.
وأوضحت القناة، أن المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لا تنوي التعليق على الموضوع.
وفي الواقع، تتم متابعة الأحداث عن كثب؛ لأنه حدث كبير الحجم، بعد أكثر من عقد من الزمن لم تدخل الأجهزة إلى مخيم جنين للاجئين لمثل هذه الأهداف. بعد الأحداث، هناك رغبة في تقدير اليوم التالي، نحن نفهم أن هذا اختبار للسلطة الفلسطينية، ويمكنه إحداث تغييرات على الأرض.
بدورها قالت الكاتبة لمى خاطر، إن العار الذي تمارسه أجهزة أمن السلطة الفلسطينية في مخيم جنين شمالي الضفة الغربية أسمته “حماية وطن”.
وقالت خاطر في تغريد. إن “اسم ممر، حماية وطن هو من أخسّ وأتفه المسميات التي يمكن أن تطلق على حملة مكرسة لتصفية ما تبقى من بؤر التشكيلات المقاومة ولإراحة المحتل من عبء مواجهتها، ومساعدته على التفرغ لسحق غزة”. وذكرت أنه هكذا يتلاعب الأنذال بالعقول، ويتمادون في استهبال الجمهور، وكل هذا حجة على من يظن فيهم أو يرجو منهم خيرا. وأمام هذا المشهد.. هل تخشى السلطة تكرار سيناريو غزة بالضفة؟ وهل قادرة على فرض سيطرتها على جنين؟ ومن هو المستفيد الأول؟