صدى الشعب – كتب عبد الرحمن البلاونه
كم هو مؤلم أن يقضي مسنون في حريق المركز الذي يأويهم اختناقاً، نتيجة استنشاقهم الأدخنة الناتجة عن الحريق، الذي افتعله أحد المسنين، نؤمن بالقضاء والقدر، ولكن لا بد من المساءلة، ولا بد من تحمل المسؤولية، فنشر الفيديو الذي يظهر أحد المسنين وهو يشعل النار في المركز، لا يخلي مسؤولية القائمين على المركز، وظهوره يتجول ويبدو أنه غير طبيعي ولا يدرك ما يفعله، يحملهم المسؤولية القانونية والأخلاقية، و يثير العديد من التساؤلات ويضع علامات الاستفهام، فكيف لمسن في هذه الحالة، أن يتجول في هذه الساعة دون رقيب أو حسيب؟ فهل هو مريض نفسي؟ وإذا كان كذلك لماذا لم يتم إدخاله إلى قسم الأمراض النفسية؟ أين المناوبين في تلك الليلة؟ هل أنظمة الإنذار في المركز فعالة وصالحة من الناحية الفنية؟ هل تتوفر في المركز طفايات حريق، وهل تمتلك كوادر المركز والموظفين الخبرة الكافية للتعامل مع الطفايات والحرائق؟
إن هذه الحادثة المأساوية تعيد للأذهان عقوق بعض الأبناء الذي يدفعهم للزج بوالديهم في دور المسنين، ومراكز الإيواء، جاحدين و متنكرين لفضلهم، فلو يعلم الآباء ذلك لما دفعوا آلاف الدنانير لإجراء عمليات الزراعة، ولما تحملن الأمهات آلام الحمل والمخاض، لينجبن أبناء عاقين يلقون بهم في دور المسنين.
فقد أمر الله تعالى بالتواضع والذل للوالدين، ونهى عن أدنى درجات الإيذاء لهما، ولو بقول أف ، لا سيما حينما يكبران ويحتاجان لرعاية أبنائهما، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم برهما من أفضل الأعمال، حتى قدمه على الجهاد الذي هو ذروة سنام الإسلام.
فلا يجوز أن يضع الابن والديه أو أحدهما في دار المسنين، لما في ذلك من قطيعة لهما، والله سبحانه وتعالى جعله موجباً لسوء الخاتمة، وتوعد العاق بتعجيل العاقبة في حياته قبل موته، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كل الذنوب يؤخر الله ما شاء منها إلى يوم القيامة، إلا عقوق الوالدين، فإن الله تعالى يُعَجِّلُهُ لصاحبه في الحياة قبل الممات) والله تعالى أعلم.
إن الزج بالآباء والامهات في دور المسنين، ومراكز الإيواء، مها كانت الأسباب هو عقوق وجحود، وأن يقضوا اختناقا في نهاية مأساوية هو قمة الإخفاق والتقصير وعدم تحمل أمانة المسؤولية، وفصل من فصول العقوق والخذلان.