أرقام مصرفية غير متوقعة

الانطباع العام عن الاداء المصرفي هو انه في حالة تراجع، امتدادا للحالة المماثلة لباقي القطاعات، إضافة إلى ان الموشرات الربحية للبنوك أظهرت تراجعا في صافي أرباحها وصلت نسبته الى 71 بالمائة خلال الشهور التسعة الأولى من هذا العام، وهو ما يعد الأكبر منذ العام 2008.
لكن حقيقة تراجع الأرباح لا تعطي الصورة المالية لأداء الجهاز المصرفي خلال العام وتحديدا في مواجهة تداعيات كورونا التي قلبت الاقتصاد رأسا على عقب، حيث استطاعت البنوك خلالها ان تثبت حصافة ورشدا عالي المستوى في المشاركة بإدارة الاقتصاد وتعزيز استقراره بالشكل المطلوب خلال الأزمة.
أرقام غير متوقعة ولا تنسجم أبدا مع الإشاعات السلبية التي تقلل من دور البنوك في الاقتصاد ومواجهة الأزمات المختلفة خاصة كورونا، كشفتها النشرة المصرفية في عددها الاول التي تصدرها جمعية البنوك في الأردن، ما يشكل نقلة نوعية في العالم الاحصائي والالتزام بأعلى معايير الحوكمة.
النشرة كشفت ان إجمالي موجودات البنوك ارتفعت لغاية شهر تشرين الأول الى 55.96 مليار دينار، بارتفاع نسبته 4.3 بالمائة عما كانت عليه في نهاية العام 2019.
ايضا الودائع هي الاخرى ارتفعت بنسبة 2.7 بالمائة مقارنة عما كانت عليه العام الماضي لتبلغ 36.27 مليار دينار، والرقم الأكثر إيجابا على الصعيد الاقتصادي هو التسهيلات التي نمت بنسبة 6 بالمائة مقارنة عما كانت عليه في العام الماضي، ليبلغ اجماليها 28.7 مليار دينار، وهو يشكل ما نسبته 92 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.
المفاجأة في التسهيلات ان توزيعاتها كانت ايجابية عكس الإشاعات التي يطلقها البعض باتجاه القطاع الخاص الذي زادت التسهيلات اليه بنسبة 6.5 بالمائة، ليستحوذ على ما مجموعه 25.561 مليار دينار، وهو ما يؤكد دخول البنوك بقوة لدعم القطاعات الصناعية المختلفة، والمفاجأة الأخرى التي كانت على غير المتوقع هي ان حصة الحكومة من التسهيلات تراجعت حتى الربع الثالث بنسبة 1.8 بالمائة، لتبلغ حصتها من هذه التسهيلات ما يقارب الـ1.8.44 مليار دينار فقط، واذا ما تم مقارنتها مع القطاع المصرفي المحلي وتسهيلاته للقطاع الخاص مع بنوك المنطقة، نجد ان البنوك الأردنية احتلت المرتبة الثانية عربيا بعد قطر في منحها التسهيلات للقطاع الخاص والتي شكلت ما نسبته 81.9 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.
اما توزيع التسهيلات قطاعيا فقد توزعت على القطاعات التالية: زراعة 1.4 بالمائة، إنشاءات 25.2 بالمائة، تعدين 1 بالمائة، صناعة 12.3 بالمائة، تجارة عامة 15 بالمائة، خدمات نقل 1.3 بالمائة، سياحة وفنادق ومطاعم 2.5 بالمائة، خدمات ومرافق عامة15 بالمائة، خدمات مالية 2.3 بالمائة واخيرا تسهيلات متنوعة معظمها للافراد 22.8 بالمائة.
الجهاز المصرفي أظهر متانة عالية وقوة في الأداء، فبالرغم من جائحة كورونا وتأثيراتها الأليمة على الاقتصاد الوطني بقطاعاته المختلفة، إلا ان مؤشرات المتانة المالية للبنوك تؤكد سلامة وقوة الجهاز المصرفي، وقدرته على التعامل مع تداعيات الجائحة دون تأثير يذكر على تلك المؤشرات، فنسبة كفاية رأس المال بلغت حتى النصف الاول من هذا العام بلغت 17.94 بالمائة، وهي اعلى بكثير من متطلبات البنك المركزي (12بالمائة)، كما ان نسبة السيولة القانونية 128.9بالمائة، وهى اعلى من المطلوب من المركزي (100بالمائة)، ونسبة الديون غير العاملة بلغت 5.4 بالمائة، وهي نسبة منخفضة وضمن المستويات الآمنة عالميا، ونسبة التغطية 68 بالمائة، وهي نسبة مرتفعة فالمخصصات تغطي جزءا كبيرا من الديون غير العاملة، اما الجزء غير المغطى فلا يشكل سوى 7.3 بالمائة منها حقوق المساهمين.
النشرة المصرفية مليئة بأرقام مهمة تستحق القراءة، وهي تؤكد على قوة وسلامة أداء الجهاز المصرفي الذي يشكل العصب الرئيس للاستقرار الاقتصادي للمملكة، والأرقام باتت متاحة على موقع جمعية البنوك في الأردن، باستطاعة كُل مهتم او مشكك الاطلاع عليها والاستفادة من مداولاتها، لتقطع الطريق على الإشاعات الهدامة.

أخبار أخرى