أ.د خلف خازر ملحم الخريشة
عامان من المرّ مرّا ... بآذان صمّاء ... وأفواه بكماء زغاريدها مطالبة أساتذة جامعة اليرموك وموظفيها بصرف نهاية خدمتهم في الجامعة ... ولكن ...ليس لهم ... لا ثاغية ... ولا راغية ...وها هم لبسوا رثّ ثيابهم بانتظار " أم الغيث " علّها تحلّ معضلتهم ، بل ومعضلة المستضعفين في الأرض ، وهم يستغيثون خالقهم بقولهم " يا الله الغيث يادايم ... تسقي زريعنا النايم "... فلا زرع ولا ضرع ... ولا حياة لمن تنادي .
مازلنا نحن – المشردين في الأرض – وممن يطلق عليهم جزافا اسم – علماء الأمة - نعاني من تأخر صرف مستحقاتنا لنهاية خدمة وطننا في جامعة اليرموك للعام الثاني على التوالي ... نستغيث ونستغيث ، آه لو كنّا من مؤيدي نوادي ريال مدريد أو برشلونة ...لوجدنا أنصارنا في كل زقاق وشارع من شوارع الوطن... وعلى كل موقع من مواقع التواصل الاجتماعي ... بل على كل شاشة من شاشات التلفزة ... لكن كلنا أمل أن تصرف هذه المستحقات أسوة بزملاء لنا سبقونا في الجهاد ... والذي " يرشّ على الموت سكّر " أننا حينما نراجع الدوائر المعنية ... نجدها قد حفظت الدرس عن ظهر قلب من معلميها بأن الجامعة مكسورة ؛ فتأخذ بالمراوغة والمماطلة في إعطاء المواعيد ... وما زالت الجامعة برمتها تماطل وتراوغ بإعطاء المواعيد ... سمفونية تلو أخرى اسمها نهاية الخدمة في جامعة اليرموك تمّ عزفها خلال ( 3 ) إدارات متتالية دون أن تفي بوعودها أو تراعي قوانين نهاية الخدمة التي وضعتها هي تجاه مطالبة من كانوا موظفيها في يوم ما وكان المسمّى " مكافأة نهاية الخدمة " .
رحم الله زمنا كان فيه السلف يعرف للعلماء منزلتهم ، وقدرهم ، ويجلونهم ، ويوقرونهم ... يحترمونهم ، ويقدرونهم ؛ لأن احترامهم من احترام الله ورسوله ...ما أجملهم حينما أكّدوا أن لحوم العلماء مسمومة ... من شمّها مرض ...ومن أكلها مات ... ما أجملهم حينما أكّدوا أن الدنيا كلها ظلمة إلا مجالس العلماء ... ومن آذى عالما فقد آذى الله ورسوله ... هم ...هم منارة البلاد ... وهم النور الذي يقتدى به ، ويبدّد الظلمة .
ويأتي السؤال هنا ... أي حياة كريمة تتركها جامعة اليرموك لعلمائها ومنتسبيها لضمان حقوقهم المادية والمعنوية ... بل والقانونية أيضا ... نعم ؟! إنه آخر الزمان الذي يفتى فيه بغير علم ... ويتحكّم الجهلاء بمصير العقلاء ... ولا أنيس لنا في هذا إلا قول ابن حازم حين قال : " صار الناس في زماننا يعيب الرجل من هو فوقه في العلم ؛ ليري الناس أنه ليس به حاجة إليه ، ولا يذاكر من هو مثله ، ويزهى من هو دونه ، فذهب العلم ... وهلك الناس " ... يؤنسنا في ذلك قول أبي العلاء المعرّي
ولما رأيتُ الجهلَ في الناسِ فاشياً
تجاهلْتُ حتى ظُنَّ أنّيَ جاهل فوا عَجَبا كم يدّعي الفضْل ناقصٌ ووا أسَفا كم يُظْهِرُ النّقصَ فاضل
وفي ظل كل ما ذكر سابقا دعني أقول : أين ذهبت وعود رئيس الجامعة الأسبق الذي أوعز بالبحث عن منافذ مالية ومصرفية لتوفير مخصصات مكافآت نهاية الخدمة لأكثر من مائة متقاعد ؟!
وها نحن مازلنا ننتظر على قارعة الطريق … ونطالب الإدارة الحالية لجامعة اليرموك للإسراع بصرف مستحقاتنا المالية لنهاية الخدمة وذلك لارتباطنا بالتزامات ونفقات تفوق قدراتنا وإمكاناتنا حتى أن البعض منا أصبح يجد صعوبة في توفير حاجاته الأسرية الخاصة ، ومتطلباته المعيشية والدراسية …






