كتب – راكان الخريشا
في قمةٍ اجتمعت فيها الكلمات وتفاوتت المواقف، كان خطاب الملك عبدالله الثاني في الدوحة استثناءً، إذ جاء واضحًا في رسالته، حاسمًا في مضمونه، ورادعًا في دعوته، ليجسد ضمير الأمة ويضع حدًا للغموض الذي يكتنف المواقف الدولية والعربية تجاه ما يجري في فلسطين.
جاء الخطاب قاطعًا، لا لبس فيه، حين وصف العدوان الإسرائيلي بأنه خرق صارخ وفاضح للقانون الدولي، وحين أكد أن الصمت العالمي لم يعد مجرد تقاعس، بل صار تواطؤًا يشرعن سفك الدماء وتدمير البيوت على رؤوس أصحابها، وكان الملك هنا صارمًا في لغته، رادعًا في موقفه، وهو يخاطب المجتمع الدولي مطالبًا إياه بتحمّل مسؤولياته كاملة، دون أعذار أو حسابات ضيقة.
في الوقت ذاته، حمل الخطاب رسالة قوية إلى الأسرة العربية والإسلامية المطلوب ليس بيانات تُسجّل في محاضر القمم، بل قرارات عملية رادعة توقف العدوان وتعيد للأمة ثقتها بنفسها، هنا كان الملك واضحًا بأن وحدة الصف ليست ترفًا سياسيًا، بل واجبًا وجوديًا يحمي الكرامة العربية ويحفظ الحقوق الفلسطينية.
ولم يغفل الملك أن يضع قطر في قلب الخطاب، مؤكدًا أن أمنها واستقرارها جزء لا يتجزأ من أمن الأردن والمنطقة بأسرها، في ذلك تأكيد حاسم على أن التضامن العربي ليس شعارًا للاستهلاك، بل التزامًا راسخًا، يواجه به العرب أي عدوان أو تهديد، الخطاب كان أكثر من إدانة سياسية، كان إنذارًا رادعًا للعالم من أن استمرار الاحتلال والعدوان لن يمر دون ثمن، وأن تجاهل القضية الفلسطينية يعني العبث بأمن المنطقة بأكملها، لقد كان الملك قاطعًا حين ربط ما يجري في غزة والقدس بسلام العالم واستقراره، موضحًا أن فلسطين هي البوصلة، ومن يحاول حرفها يهدد النظام الدولي برمته.
في الدوحة، لم يتحدث الملك بصفته زعيم دولة فحسب، بل بصفته صوت الملايين من أبناء الأمة، صوت أمٍّ فلسطينية تبكي شهيدها، وصوت شاب يرفع علم بلاده فوق أنقاض بيته، وصوت كل عربي ومسلم يرى أن فلسطين قضيته الأولى ومقدساته الأبدية.
إنه خطاب واضح وحاسم ورادع، خطاب لا يعرف المواربة ولا يقبل الالتباس، خطاب يستحق أن يُكتب في سجل المواقف التاريخية التي صنعت الفرق، ويؤكد أن الأردن، بقيادة الملك عبدالله الثاني، سيبقى ثابتًا على العهد، وفي الصفوف الأولى دفاعًا عن القدس وفلسطين وكرامة الأمة.






