عقل لـ”صدى الشعب”: تخزين الطاقة يحول دون هدر الكهرباء ويخفض النفقات
صدى الشعب – سليمان أبو خرمة
مع التوسع المتسارع في استخدام مصادر الطاقة المتجددة، بات تخزين الطاقة بالبطاريات يمثل حلاً تقنيًا حيويًا لضمان استقرار الشبكات الكهربائية ومواجهة تقلبات الإنتاج.
وتُعد أنظمة تخزين الطاقة ركيزة أساسية في تحقيق الانتقال نحو أنظمة طاقة أكثر استدامة ومرونة، حيث تساهم في تخزين الفوائض الكهربائية وإطلاقها عند الحاجة، مما يعزز موثوقية الإمدادات الكهربائية ويقلل الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية.
وكان رئيس مجلس مفوضي هيئة تنظيم قطاع الطاقة والمعادن زياد السعايدة، قد أكد في تصريح صحفي سابق إن تخزين الكهرباء أصبح متاحا منزليا، لكن يجب الحصول على موافقة من الهيئة.
وأوضح، أن أي مشترك بإمكانه التقدم بطلب للهيئة وأخذ الموافقة على القدرة التي يحتاجها، حتى يتم ربطه بشركة الكهرباء.
يذكر أن مجلس الوزراء قرر في وقت سابق الموافقة على السَّير في إجراءات تنفيذ مشروع تخزين الطَّاقة الكهربائيَّة على شبكة النَّقل لشركة الكهرباء الوطنيَّة باستخدام تكنولوجيا البطَّاريَّات، والذي يأتي لمواكبة التطورات التي طرأت أخيراً على تكنولوجيا التخزين بالبطاريات، والانخفاض في أسعارها، وازدياد حاجة النظام الكهربائي إلى أنظمة تخزين الكهرباء، بما ينسجم مع استراتيجيَّة قطاع الطَّاقة التي تهدف إلى تنويع مصادر الطَّاقة وتخزينها وتعزيز الاعتماد على مصادر الطَّاقة المتجدِّدة.
وبهذا الإطار، أكد الخبير في مجال الطاقة هاشم عقل، أن أنظمة تخزين الطاقة بالبطاريات تمثل العمود الفقري لشبكات كهربائية مستقرة وموثوقة، وتُعدّ أداة أساسية في دعم التوجه نحو الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، في وقت يتزايد فيه الطلب على الطاقة وتزداد الحاجة إلى حلول تكنولوجية تضمن الاستمرارية والكفاءة.
وقال عقل، خلال حديثه لـ”صدى الشعب”، إن العالم يتجه بخطى متسارعة نحو تبني مصادر الطاقة المتجددة، وعلى رأسها الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، اللتين تتميزان بعدم الثبات والتقلب تبعًا للظروف الجوية.
وأضاف أن هذا التوجه يفرض تحديات كبيرة على الشبكات الكهربائية التقليدية التي كانت تعتمد على مصادر طاقة ثابتة، مثل الوقود الأحفوري أو الطاقة النووية، القابلة للتحكم من حيث الإنتاج والتحميل، لتلبية الطلب المتغير على مدار اليوم.
تخزين الطاقة يسد الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك
وأوضح أن أنظمة تخزين الطاقة بالبطاريات أصبحت ضرورة حتمية وليست خيارًا، نظراً لدورها الحيوي في سد الفجوة الزمنية بين فترات إنتاج الطاقة وفترات ذروة الاستهلاك، مبينًا أن الألواح الشمسية، على سبيل المثال، تنتج كميات كبيرة من الكهرباء خلال فترة الظهيرة، بينما يصل الطلب إلى ذروته في ساعات المساء، ما يتطلب وجود أنظمة قادرة على تخزين هذا الفائض وضخه في الشبكة في الوقت المناسب، حفاظًا على استقرار الإمدادات وتلبية احتياجات المستهلكين.
وأشار إلى أن هذه الأنظمة تعتمد في عملها على تقنيات بطاريات متطورة، مثل بطاريات الليثيوم أيون، التي تُعد الأكثر انتشارًا بفضل كفاءتها العالية وكثافتها الطاقية، وقدرتها على التحمل لفترات أطول.
وأوضح أن هذه البطاريات تقوم بتخزين الكهرباء الزائدة المنتَجة من مصادر الطاقة المتجددة على شكل طاقة كيميائية، تُعاد معالجتها وتحويلها إلى كهرباء يتم ضخها في الشبكة عند الحاجة، مؤكداً أن ما يميز هذه الأنظمة هو سرعة استجابتها التي تسمح بالتعامل مع التقلبات المفاجئة في الطلب على الطاقة أو تغيرات تردد الشبكة.
ولفت إلى أن دور أنظمة تخزين الطاقة لا يقتصر على تخزين الكهرباء فحسب، بل يمتد ليشمل وظائف أخرى رئيسة، منها تنظيم التردد في الشبكة الكهربائية، وضمان استمرارية الإمداد في حالات الطوارئ، وتخفيف الضغط على محطات التوليد خلال ساعات الذروة، إضافة إلى دورها في دعم استقرار مصادر الطاقة المتجددة، من خلال تعويض الفاقد خلال الفترات التي يقل فيها إنتاج الكهرباء نتيجة غياب الشمس أو ضعف الرياح.
وبيّن أن في الأيام المشمسة أو العاصفة، قد تنتج الألواح الشمسية أو توربينات الرياح كميات كهرباء تفوق احتياجات الشبكة، وفي هذه الحالة، تعمل البطاريات على تخزين هذه الطاقة عوضاً عن هدرها، ما يسهم في تعزيز الكفاءة وتقليل الفاقد.
توزيع الطاقة خلال الذروة يخفف العبء على الشبكات
وأضاف أن البطاريات تساعد أيضًا في توزيع الطاقة بشكل متوازن خلال ساعات اليوم، خصوصًا في أوقات الذروة الصباحية والمسائية، ما يقلل الضغط على الشبكات ومحطات التوليد التقليدية، ويساعد في تأجيل الحاجة إلى توسعة البنية التحتية أو بناء محطات جديدة.
وأكد أن أنظمة تخزين الطاقة تلعب دورًا مهمًا في الحفاظ على تردد ثابت داخل الشبكة الكهربائية، وهو عنصر أساسي لضمان عمل الأجهزة والمعدات بكفاءة، حيث تتمتع البطاريات بقدرة على حقن أو امتصاص الطاقة خلال أجزاء من الثانية، ما يحول دون حدوث اختلالات في التردد قد تؤدي إلى انقطاعات أو أضرار فنية.
وأضاف أن هذه الأنظمة تتيح توفير طاقة احتياطية فورية في حالات الأعطال أو الانقطاعات الطارئة، لا سيما في المناطق الحيوية كالمستشفيات ومراكز البيانات، مشيرًا إلى أن أحد أبرز مزاياها يتمثل في تأخير الحاجة إلى استثمارات ضخمة في البنية التحتية الكهربائية، عبر تحسين استخدام الطاقة المتاحة وتقليل الهدر في عمليات النقل والتوزيع.
تكاليف مرتفعة وتأثيرات بيئية أبرز التحديات
وفيما يتعلق بأنواع البطاريات المستخدمة في هذه الأنظمة، أوضح أن بطاريات الليثيوم أيون هي الأكثر شيوعًا حاليًا، لما توفره من كفاءة عالية وعمر افتراضي طويل، ما يجعلها مناسبة للاستخدام في التطبيقات السكنية والتجارية على حد سواء، كما تُستخدم بطاريات التدفق في حالات التخزين طويل الأمد، نظرًا لاستقرارها وإمكانية إعادة شحنها بشكل متكرر دون تراجع كبير في أدائها.
وأشار إلى أن بطاريات الرصاص الحمضية تُستخدم في تطبيقات محدودة بسبب انخفاض كفاءتها، وإن كانت أقل تكلفة، فيما تُستخدم بطاريات الصوديوم الكبريت في المشاريع واسعة النطاق بفضل سعتها العالية، رغم حاجتها إلى درجات حرارة تشغيل مرتفعة.
وحول التحديات التي تواجه هذه الأنظمة، بيّن أن من أبرزها ارتفاع التكلفة، سواء من حيث التصنيع أو التركيب، ما يعيق انتشارها في بعض الأسواق، لا سيما في البلدان النامية.
كما أشار إلى محدودية العمر الافتراضي للبطاريات، حيث تتحلل مكوناتها تدريجيًا مع تكرار الاستخدام، ما يستدعي استبدالها بعد فترة، وهو ما يزيد من التكاليف الإجمالية.
وأضاف أن لهذه الأنظمة تحديات بيئية أيضاً، أبرزها الأثر الناتج عن استخراج المواد الخام مثل الليثيوم والكوبالت، وما يرافق ذلك من أضرار بيئية، فضلًا عن الصعوبات التقنية المرتبطة بإعادة تدوير البطاريات المستهلكة، كما تتطلب هذه الأنظمة إدارة دقيقة لتفادي المخاطر المرتبطة بالسلامة، مثل الحرائق أو التسربات الكيميائية.






