قالت مصادر متطابقة في سوق الاتصالات المتنقلة أمس إن الحديث عن مشغل رابع في السوق المحلية أمر “مثير للاهتمام والاستغراب”، واصفين إياه بالأمر “غير المنطقي” في ظل ما تشهده شركات القطاع الثلاثة المشغلة للخدمة من ضغوط اقتصادية وتراجع في الأرباح ومنافسة شديدة مع حمل ضريبي كبير، يضاف اليه الضغوط الاقتصادية وتراجع الانفاق العام من الناس والقطاعات نتيجة أزمة كورونا.
وبينت المصادر أن التقدم بطلب من أي جهة كانت لترخيص مشغل رابع يثير الاستغراب لأن الاستثمار في هذا القطاع ومن ثم تشغيل العمليات يتطلب مبالغ ضخمة في سوق “مشبعة” بالخدمات، كما أنه غير منطقي في ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة.
وأشارت المصادر إلى أهمية تناول مثل هذا الموضوع بحساسية عالية حتى لا تصل القرارات الحكومية المتلاحقة بقطاع الاتصالات إلى حالة تقل فيها ربحية الشركات بشكل أكبر مما يقلل من واردات الحكومة الضريبية ومن استثمارات الشركات المستقبلية وخصوصا ان الشركات ضخت عشرات الملايين في تطوير البنية التحتية وشبكات الاتصالات والإنترنت المتنقل عريض النطاق.
ووفقا لدراسات محايدة تعد سوق الاتصالات الأردنية الأكثر تنافسية من بين أسواق العالم العربي بوجود ثلاثة مشغلين للخدمة مع ضرورة الاشارة إلى أن سوق الاتصالات كانت شهدت وجود اربع مشغلين لخدمات الاتصالات المتنقلة قبل عشر سنوات ، واحد منهم كان يشغل خدمة ” البوش تو توك” وقد خرج من سوق الاتصالات.
إلى ذلك قالت المصادر من سوق الاتصالات إنه يجب الانتباه الى الحمل الضريبي الكبير الذي تتحمله شركات الاتصالات العاملة حاليا في قطاع الاتصالات منذ سنوات بسبب تعدد وكثرة الضرائب المفروضة على خدمات الاتصالات المتنقلة، حيث اظهرت دراسات سابقة بان كل دينار يصرف في قطاع الاتصالات يذهب منه بشكل مباشر وغير مباشر أكثر من 60 قرشا على شكل ضرائب متنوعة لخزينة الدولة.
وتحفظت المصادر على الفكرة وقالت بان مثل هذا التوجه لن يسهم في تراجع القطاع بل سينعكس ايضا بشكل سلبي كبير على إيرادات الخزينة من القطاع.
وكان مصدر حكومي مطلع أكد لـ”الغد” صباح أمس أن هيئة تنظيم قطاع الاتصالات استقبلت مؤخرا طلبا لترخيص مشغل رابع في سوق الاتصالات المتنقلة التي يعمل فيها اليوم ثلاثة مشغلين رئيسيين للخدمة.
وأوضح المصدر – طلب عدم نشر اسمه – ان “شركة اردنية تعمل في مضمار التكنولوجيا ولها بعد عالمي خاطبت الهيئة قبل أيام لتحديد متطلباتها للحصول على رخصة مشغل رابع للاتصالات المتنقلة وخدمات الجيل الرابع”.
وقال المصدر إن الهيئة ستقوم بدراسة هذا الطلب من جميع النواحي، والمضي لاتخاذ القرار المناسب في هذا المجال.
وتظهر آخر الأرقام الرسمية أن عدد اشتراكات الخلوي في الأردن تقدر بحوالي 7.8 مليون اشتراك وبنسبة انتشار تصل الى 73 %، وبان عدد اشتراكات الإنترنت تقدر بحوالي 8.3 مليون اشتراك بنسبة انتشار تصل الى 78 %.
إلى ذلك أكدت المصادر من سوق الاتصالات ان هذا التراجع الحاصل اصلا في القطاع سيتفاقم مع دخول مشغل رابع الى السوق، وبالتالي انخفاض إيرادات الخزينة ايضا في كل اشكالها من القطاع، الأمر الذي سيخفض من قيمة القطاع استثمارا وعمالة.
وتحدثت المصادر عن مساهماتها في دعم خزينة الدولة، حيث قدرت هذه المساهمات بمئات الملايين خلال السنوات الماضية على شكل ضرائب وعوائد من الإيرادات والرسوم، علما بأن القطاع المحلي الأكبر في نسب وعدد الضرائب المفروضة عليه، لافتين إلى أن ارباحهم في تراجع بسبب المنافسة الشديدة بينهم، إضافة لظروف الاقتصاد الأردني في هذه المرحلة مع أزمة كورونا ، وبسبب تآكل دخل الخدمات الصوتية والمنافسة الشديدة من خدمات الاتصالات عبر الإنترنت، وكذلك بسبب الارتفاع في الكلف التشغيلية والتي فرضت عليهم بزيادة كلفة الطاقة الكهربائية قبل سنوات.
وأوضحت المصادر ان سوق الاتصالات يكفيه ما يعاني من تحديات اليوم وهي تحديات صعبة الكثير منها لم يحل بعد: منها إدارة الطيف والتكاليف غير المستدامة للقطاع، والتي تعرض مستقبل قطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في الأردن للخطر.
وأشارت الى التحديات المتعلقة بالمدة القصيرة لرخص الترددات حيث تعكس مدة الترخيص الحالية البالغة 15 عاما فترة قصيرة للغاية لا تتماشى مع أفضل الممارسات الدولية لطاع الإتصالات، والتي تدعو إلى مدد ترخيص تصل إلى 25 عاما فأكثر، فضلا عن التكلفة المرتفعة لتخصيص الترددات.
وقالت المصادر ايضا ان من تحديات القطاع ايضا، التكاليف غير المستدامة للقطاع، مشيرة إلى أن إحدى شركات الاتصالات في الأردن شهدت في السنوات القليلة الماضية تناقصا في القيمة السوقية بحوالي 40 % خلال عامين، كما وأن مشغلا آخر قد حقق خسائر، وشهد مشغل آخر انخفاضا في صافي الدخل بحوالي 40 % على مدى السنوات الأعوام الأربعة الماضية.
كما وأكدت نفس المصادر على تحدي فرض ضرائب باهظة وغير متوقعة والتي لها تأثير كبير على صافي الدخل المتحقق للمشغلين، الى جانب العدد الكبير جدا من الرسوم الأخرى التي يدفعها المشغلون مثل رسوم الطيف السنوية ورسوم الترخيص ورسوم التجوال ورسوم الخطوط الجديدة ورسوم الأبراج للبلديات.
واشارت هذه المصادر إلى أن هذه التحديات الموجودة والماثلة في القطاع منذ سنوات من دون حساب تأثيرات كورونا أو أي توجه جديد لادخال مشغل رابع سيزيد من معاناة قطاع الاتصالات وتطوره وخدمة الاقتصاد الرقمي في المستقبل.