صدى الشعب – كتبت دانا جودة
قبل ٦ سنوات نشرت بشكل مُوجّه ومقصود نصّا لأحمد خالد توفيق يصف فيه ساخرا المتأخرين، وبأنهم الأشخاص الذين لا يبالون بالوقت ولا التأخر عن المواعيد ويملكون درجة شنيعة فاضحة من السلام الداخلي. كل شيء مع هؤلاء القوم يستغرق وقتًا أطول من اللازم. يأكلون في ساعات، ويصحون في دهور. يدخلون الحمام في قرون، ويستيقظون في سنين.
عندما يتطلّب الأمر أن تتحرك في السابعة صباحًا مثلًا، تجده ينزل في تؤدة في الثامنة ليعلن أنه سيتناول الإفطار أولًا، معنى هذا أنه سيصير جاهزًا في التاسعة، ويندهش جدًا لأنك قلق متوتر !
قال _ وكنت أشاركه رأيه هذا _ أنه أراد دومًا أن يلقي بواحد من هؤلاء من الطابق الثالث وأنه كان متأكدا أنه سيستغرق نص ساعة في السقوط لأن أجسادهم تختلف فيزيائيًا عن أجسادنا..
بعد أن كان نشْر هذا النصّ للتندّر، وبعد أن كنت أراهم لعنة في حياتي فإني أعتذر منهم الآن..
أصبحت أشبههم في كثير من المواقف، أو أحتاج أن أشبههم وإن عاكست طبيعتي، فطبيعتي مُتعِبة مُرهِقة لي أكثر مما هي للآخرين..
أريد بشدّة أن أستغرق نصف ساعة لأهبط على الأرض إن ألقاني أحدهم..
أريد ذلك النوع الشنيع من السلام الداخلي واللامبالاة وأن أقوم بتربية الرخويات وذوات الدم البارد بدلا من القطط وحمّى الصيد التي لا تصيبهم إلا ليلا في عزّ نوم أصحابهم.
أريد أن ألقي بكل ساعات الحائط واليد وألغي خاصية إظهار الوقت في هاتفي.
أحتاج عشر دقائق كاملة لمضغ لقمة، وأن لا أحاول تذكر آخر مكان تركت فيه فنجان قهوتي الذي شربته وأنا أتنقل هنا وهناك..
أريد أن أكون حلزونا أو نجم البحر أو دبّا في سباته الشتوي، أو حتى الكسول ذو الأصابع الثلاث، حتى إن ضحيت بإصبعين من يدي. هذه الكائنات الأبطأ في العالم، بالإضافة لفئة المتأخرين رغم بطء حركتها، إلا أنها استطاعت البقاء على قيد الحياة مرتاحة البال في كل الظروف التي قد تقضي على الكائن المصرصع والدقيق المواعيد.