صدى الشعب – كتب عبدالرحمن البلاونه
الغدر والخيانة، صفتان ذميمتان تتسمان بنقض العهود والأمانات، وتسببان جرحاً عميقاً لا يندمل ولا يبرأ في العلاقات الإنسانية، فالخيانة هي انتهاك لعهد أو أمانة أو ثقة، بين الأفراد بعضهم بعضا، أو بين زملاء العمل، أو بين الأفراد والمنظمات.
ورد لفظ الخيانة في القرآن والسنة، وهي صفة مذمومة ومحرمة، من صفات المنافقين والمفسدين، وتتضمن مخالفة الأمانة ونقض العهد والكذب والغدر، في سياقات مختلفة، منها: خيانة الأمانة، خيانة العهد، خيانة الدين، وخيانة النفس، وخيانة الوطن، وغيرها من أشكال الخيانة، قال تعالى: ” وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَىٰ سَوَاءٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ”، وقوله تعالى: ” إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ”.
كما ورد في الحديث: “أربع من كن فيه كان منافقاً خالصاً، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها: إذا اؤتمن خان، وإذا حدث كذب، وإذا عاهد غدر، وإذا خاصم فجر”.
ومن عواقب الخيانة في الدنيا، أنها تجلب لصاحبها المقت والذم، وتورثه البغضاء والعداوة من الناس، كذلك في الآخرة، توعد الله تعالى الخائنين بالعذاب الأليم، حيث لا ينفعهم مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
ومن صور الخيانة التي يمارسها ضعاف النفوس في هذه الأيام، إنكار معرفتهم لأشخاص يعرفونهم حق المعرفة، أو لزملاء في العمل، لمنع شيء فيه منفعة وفائدة للآخرين، ليس لشيء، إلا أنه مرض بالقلب، ونقص بالرجولة والمروءة، وكذلك خيانة المجالس، كأن يقوم بنقل الكلام بين الناس، لإثارة الفتن واشعالها، فالمجالس أمانات، وقد خاب من باح بها” وهذه العبارة تعني أن الأحاديث التي تُقال في المجالس الخاصة يجب أن تُعتبر أمانة ويجب عدم الكشف عنها أو إفشائها، ومن يخالف ذلك فهو شخص خائب وخاسر، كما تعكس هذه العبارة أهمية حفظ أسرار المجالس والخصوصية في العلاقات الاجتماعية.
فكم يعمد بعض هؤلاء المرضى على تصوير المجلس، وتسجيل ما يدور فيه من نقاشات وحوارات خاصة وعامة، سواء كانت أسرية أو اجتماعية، وكذلك فتح السماعة الخارجية للهاتف الخلوي، لإسماع الحاضرين المكالمة التي يفترض أن تكون سراً، في غفلة من الحاضرين ودون علمهم ونشرها، وفضح الأسرار، والتقاط الصور لبعض الأشخاص دون علمهم، وفي ذلك إشاعة للفتن وتشتيت للأسر، وتفريق للأحباب والأصدقاء، في تصرف غير أخلاقي، مخالف للشريعة وللأنظمة والعادات والتقاليد، ودليل على الدياثة والانحطاط.





