صدى الشعب – كتب الخبير الامني المحامي محمد عيد الزعبي
“من لم يُخلق من ترابها، لن يُدرك وجع خرابها”…
عبارة تختصر كل ما يمكن أن يُقال في هذه المرحلة الدقيقة، حيث تقف الأردن بثبات في وجه محاولات الزج بها في صراعات لا ناقة لها فيها ولا جمل.
في خضم صراع تتقاذفه صواريخ عقائدية من الشرق، وأخرى استخباراتية من الغرب، وجد الأردن نفسه أمام تحدٍّ أمني مباشر، لا يقبل المساومة ولا الانتظار. صواريخ تتطاير عبر الأجواء، بلا وجهة محددة، تخترق السيادات، وتخلف الذعر في نفوس المدنيين، بحجة “الردع” و”الممانعة”… أي ممانعة هذه التي تضع حياة الأبرياء على طاولة المقامرة؟ وأي مقاومة تُطلق نيرانها في كل اتجاه عدا الاتجاه الصحيح؟
لقد اختار البعض أن يُجند أدواته الإعلامية والسياسية للتشكيك بموقف الجيش العربي الأردني، عندما اتخذ قراره السيادي في اعتراض الصواريخ التي هددت أمنه وسلامة مواطنيه.
ولم يتأخر هؤلاء في الاتهام والتخوين، فمنهم من يتحدث باسم “محور الممانعة”، ومنهم من يرتدي عباءة “التطبيع المقلوب”، وكلاهما يلتقيان في نقطة واحدة: إنكار حق الأردن في الدفاع عن نفسه.
ما بين من يعبد صنم الميليشيا، ومن يقبّل حائط الهيكل، ضاعت عند بعضهم حقيقة بسيطة:
الأردن لا يسمح لأحد أن يختبر صبره أو يجرب فيه صواريخه.
فمن أراد أن يقاتل، فليقف على جبهته، لا أن يُسقِط صواريخه فوق رؤوسنا ثم يطلب منا الصمت والتصفيق.
هؤلاء الذين باعوا ولاءهم إما في مزاد الطائفية أو في سوق المصالح الأمنية، لا يحق لهم أن يُعطوا دروسًا في الوطنية. فالوطنية ليست أن تهاجم وطنك لأنك اختلفت مع قرار سيادي اتخذ لحماية أرواح الأردنيين. الوطنية ليست أن تصطف مع من أراد تحويل الأردن إلى ممر أو ساحة اختبار.
نقولها مجددًا:
سيادة الأردن على أجوائه، ومياهه، وحدوده، وقراره السياسي… خط أحمر.
لن يسمح الأردنيون، بجيشهم وقيادتهم وشعبهم، لأي جهة كانت أن تُعبث بهذه السيادة، سواء كانت تلك الجهة ترفع شعارات دينية براقة، أو تختبئ خلف عناوين “الأمن القومي الإسرائيلي”.
فالجيش الأردني لا يعمل عند أحد. ولا يستأذن في حماية تراب وطنه. والأردن، رغم محدودية موارده، يملك إرادة لا تنكسر، وعقلًا استراتيجيًا لا يُدار بالريموت كنترول.
وفي الختام، لمن ظن أن الأردن مجرد ممر أو منطقة عبور، نقول:
الأردن بوابة، نعم… لكن بوابة لا تُفتح إلا بإذن أصحابها.
والأرض التي تُروى بعرق الشهداء… لا تُداس بصواريخ العابثين.