بقلم : يوسف الدغيدي
الدكتتورية غير أخلاقية ، وحتى عندما تمنع الحرام ، والديمقراطية أخلاقية حتى عندما تسمح به ، الأخلاق غير منفصلة عن الحرية ، وحده السلوك الحر هو السلوك الأخلاقي ، بنفي الحرية وأمكانية الأختيار ، فإن الدكتتورية في مسبقاتها تتضمن نفياً للأخلاق ، وعلى الرغم من النظرات التأريخية ، فأن الدين والديكتاتورية يتقاطعان بشكل تبادلي ، لأنه وكما في إشكالية الجسد والروح ينحاز الدين إلى الروح ، حتى إن الأختيار بين الرغبة والسلوك ، النية والفعل ، تنحاز دائما للنية والرغبة ، رغماً عن النتيجة أو بالأحرى عن العواقب ، في الدين لا قيمة للفعل بدون نية أي بدون إمكانية أو حرية لتفعل أو لا تفعل ، كما أن الجوع الاجباري ليس صوماً ، كذلك الخير الاجباري ليس خيراً ، ومن وجهة نظر الدين بلا قيمة ، ولذلك أن حرية الأختيار أي القدرة على أن تفعل أو أن لا تفعل ، الأنضباط أو المخالفة شرط كل الشروط لكل الأخلاق .
لذا فإن تدمير إمكانية هذا الأختيار بالقوة المادية في الدكتاتورية أو بالترويض في اليوتوبيا يعني نفيهم ، ويتبع هذا أن كل مجتمع إنساني يجب أن يكون مجتمعاً للأفراد الأحرار ، وعليه أن يحد من عدد قوانينه وتدخلاته ( مستوى الأرغام الخارجي ) إلى الحدود الضرورية التي يمكن من خلالها المحافظة على حرية الخيار بين الخير والشر ، وحتى يفعل الناس الخير ليس لأنهم مرغمون ، وإنما لأنهم يريدون ، وبدون هذه الرغبة في الخير ستكون لدينا حالة دكتاتورية أو يوتوبيا .