الحكومة والنواب الجدد والإعلام

الأرجح ان الحكومة في حالة من القلق للإتيان بالطريقة الأمثل للتعامل مع العدد الكبير من النواب الجدد. 98 نائبا جديدا يشكلون كتلة حرجة تحتاج لعمل كثيف واشتباك من اجل نسج خطوط تفاهم وجسور ثقة بينها وبين الحكومة. النواب الجدد نوعيات سياسية متباينة، لكن جميعهم يتشابهون في انهم مليئون برغبة التغيير وإحداث الفرق، وستأخذهم ربما دورة او دورتين برلمانيتين لكي تتضح معالم توجهاتهم والطريقة الامثل للتعامل معهم. الحكومة تمتلك من الوزراء من يستطيع الاشتباك، وذلك سيكون عملا سياسيا مضنيا ستتضح أولى معالمه في جلسات الثقة ومناقشات الموازنة فهي فرصة ذهبية للحكومة لاستكشاف وتصنيف السادة النواب الجدد.
كما يقع على عاتق قيادة المجلس الجديدة ونوابه الخبراء عبء ادماج واشراك النواب الجدد بالعمل البرلماني الجمعي، وفرز قيادات فيما بينهم توزع على شكل كتل ولجان تستطيع تسيير اعمال المجلس والقيام بأدواره التشريعية والرقابية والتمثيلية. هذه ليست بالمهمة اليسيرة ايضا ولكنها ضرورة ملحة لكي تتجه افعال واقوال النواب الجدد بما يحقق الصالح العام للمجلس وبالتالي المجتمع. تبدو قيادة المجلس الجديدة مدركة لضرورات التغيير، وحتمية السعي لتحسين صورة المجلس امام اعين الرأي العام، التي نالها ما نالها من النقد والقدح جعلت من صورة مجلس ممثلي الشعب لا ترتقي للمستوى السياسي والدستوري الذي تستحقه. هيبة مجلس النواب مصلحة عليا للدولة لأنه عنوان التمثيل الشعبي، ولا بد من كافة الجهات وعلى رأسها الحكومة ان تسعى لترسيخ تلك الهيبة. يجب ألا تسود حالة من التسابق على الشعبية او تسجيل الاهداف السياسية بين الحكومة والبرلمان، فهذا سينتج خاسرين وفائزين وينال من هيبة المؤسسات. المطلوب تماما كما وصفه الملك حالة من التشاركية والتكاملية، تؤسس لندية ايجابية ضمن الادوار الدستورية لسلطتي التشريع والتنفيذ، وبما يحقق هيبة الطرفين. الحكومة قادرة على اعطاء مجلس النواب مساحته السياسية الكاملة للعمل، وان تتفاعل معه بما يحقق المصلحة العليا ويعلي من هيبة المجلس، لكن ثمة دور اكبر على مجلس النواب لكي يؤطر عمله ضمن كتل ولجان ويجعل المصلحة العليا فقط ديدن عمله وباكورة اهدافه، ومن اجل ذلك، فتطبيق النظام الداخلي بحزم اولا، وتطوير وتطبيق مدونة السلوك البرلماني ثانيا، هما الطريقتان الامثل لمجلس نواب فاعل وقادر يحظى بالمهابة والاحترام.
للاعلام دور كبير ايضا في ترسيخ هيبة المجلس وفي ذلك مصلحة للجميع. التفاعل مع اعمال المجلس السياسية هو ما يجب ان يركز عليه الاعلام، وليس عثرات بعض النواب بنطق كلمات في القسم، او ورقة تم تصويرها وتداولها. الحدث السياسي الاهم في اول ايام عمل للمجلس كان انتخابات الرئاسة بدلا من التزكية، وهذا حدث سياسي مهم كان جديرا بأن يتم تحليله وتبيان أسبابه وتداعياته من قبل الاعلام. هذا لم يحدث وتم الاكتفاء بالقصص الجانبية المثيرة. دور الاعلام المهني الا ينطلق من قناعة ضرورة مهاجمة المجلس او الانتقاص منه، بل التفاعل مع اعماله السياسية بموضوعية وحيادية، واعطائه حقه متى ما كان ذلك سانحا، فذاك هو عمل الاعلام ودوره المهني والوطني.

أخبار أخرى