بعد مضي نحو شهر على الحادثة التي عُرفت بـ”جريمة الزرقاء”، والتي كان ضحيتها فتى لم يتجاوز عمره 16 عامًا؛ حيث أقدم ثلة مارقون على بتر ساعديه وفقء عينيه، أطلت علينا، خلال اليومين الماضيين، أعمال شغب واحتجاجات واحتفالات بـ”العرس الديمقراطي” استخدم فيها إطلاق أعيرة نارية، بشكل مخالف للقانون والحظر الشامل.
في الحادثة الأولى “جريمة الزرقاء”، كانت كلمات جلالة الملك، كافية لوضع حد لـ”البلطجية، والزعران، وفارضي الإتاوات”، والذين كانوا يصولون ويجولون، من غير رادع، وكأنه لا حسيب ولا رقيب… فلولا تدخل جلالته، لطوي ملف ذلك الطفل، وأولئك الخارجين على القانون، على مرأى ومسمع الكثير من المعنيين.
في الحادثة الثانية، كان جلالة الملك أيضًا حاضرًا، بتغريدة، كانت كافية لملاحقة أولئك مخترقي القانون والحظر الشامل، الذين كانوا يطلقون الأعيرة النارية بشكل عشوائي، غير آبهين بخطورة ذلك على السلم المجتمعي، ناهيك عن أنهم كانوا يخرقون الحظر من خلال إقامة تجمعات، ستكون كفيلة بزيادة أعداد المصابين بوباء فيروس كورونا المستجد.
لن أركز في هذه الكلمات، على موضوع خرق القانون أو الحظر الشامل، أو المساس بهيبة الدولة.. فتلك أمور أو مواضيع، رغم أهميتها وخطورتها على السلم المجتمعي ويلفظها كل ذي لب، تطرق إليها الكثير من الكتاب والمراقبين والناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي.
يُلاحظ، من خلال تتبع حادثتي “جريمة الزرقاء”، و”إطلاق الأعيرة النارية”، وما تم بعدهما من إقرار قوانين وإجراءات، أن الرابط الأول أصبح ضرورة “تدخل” جلالة الملك، وكأن هناك جهات مسؤولة ومعنية، لا تهتم بالمواطن ومن قبله المواطن، إلا إذا أوعز إليها بذلك جلالة الملك.
يُفهم من ذلك، أن الأمور أو القضايا أو الظواهر، التي تُثار كل فترة وأخرى، عادية أو شبه عادية في نظر بعض المسؤولين.. ويكون الأمر مغايرًا لذلك، عندما يتدخل جلالة الملك، لإحقاق حق، أو نصر مظلوم، أو الضرب على يد الظالم.
إن ذلك يضع أكثر من إشارة استفهام، على بعض الأشخاص الذين توكل إليهم المهمات، أو يتبوؤون مناصب ما، لا يكونون أهلًا لها، وليسوا على قدر المسؤولية.. فلماذا هؤلاء أصلًا موجودون؟، ما دام أنهم لا يقدمون على تطبيق وتنفيذ القوانين، وينتظرون إيعازا من الملك لكي يتحركوا في قضية ما أو قضايا معينة تهم الرأي العام.
أما الرابط الثاني، بين تلك الحادثتين، للأسف، فإن أماكن “البلطجية” و”فارضي الإتاوات”، وحتى تجار ومروجي المواد المخدرة، معلومة ومعروفة لدى الأجهزة المعنية.. فلماذا كان يتم غض الطرف عنهم؟، وإن كان هناك العديد من المواطنين من أسهموا بذلك وساعدوا تلك “الثلة” لكي يسرفوا في الاستقواء على المواطن والخروج على القانون، بطريقة أو أخرى.
وللأسف أيضًا، فأماكن أو تجمعات أولئك الذين يستخدمون الذخيرة الحية، من خلال إطلاقها بشكل يسبب خطرا على المواطن، بالأفراح والمناسبات الاجتماعية المختلفة، وكذلك عند وجود مشاجرات عائلية، هي أيضًا معلومة للجميع… لكنهم لا يحركون ساكنًا!.
عند إجراء كل انتخابات سواء نيابية أو بلدية، يكون هناك مناطق يُطلق عليها “بؤر ساخنة”، فتقوم الجهات المعنية بتشديد الرقابة عليها، وزيادة التواجد الأمني فيها، لهدف واحد فقط هو حماية العملية الانتخابية.
إذا لحماية مركز اقتراع وفرز، يتم تشديد الرقابة وزيادة التواجد الأمني، فإن من الأولى والأهم، أن يتم تشديد الرقابة على أماكن ومناطق، تلك الظواهر فيها أمر طبيعي، وخصوصًا أن هناك مناطق عدة كانت نسبة التزامها بالقانون والحظر الشامل، مائة بالمائة.
سيطوى ملف التجاوزات وخرق القانون، كما طويت ملفات أخرى كثيرة، لكن من المهم أخذ عبر من ذلك، والعمل بكل جهد لتعديل قوانين وتشريعات من شأنها، إن لم يكن القضاء على تلك الظواهر، تخفيفها على الأقل.. وخيرًا ستفعل الحكومة عندما تنفذ تأكيدها أنها ستسرع في تعديل قانون ينظم عملية ضبط مسائل الأسلحة والذخائر.
بقيت نقطة في غاية الأهمية، تتمثل بأن البعض يتساءل “كيف لمجتمعات تشكو من البطالة والفقر وغياب التنمية، أن تطلق فيها آلاف الرصاصات والذخائر”.. وهنا يكون الرد عليهم، يجب عدم ظلم تلك المناطق والقسوة عليها، فلا يعني أن هناك عشرات الأشخاص الأغنياء وأصحاب مشاريع رأسمالية، أن مناطقهم تعيش في بحبوحة ورغد، بلا فقر أو بطالة!.