ما هو أهم أمام هذه الحكومة، وقف حالة التقلب في القرارات الصحية والاقتصادية بشأن أزمة كورونا، وإذا كان التقلب مرده إلى تغير أرقام الإصابات، إلا أن التقلب يتسبب بمشاكل أكبر.
لا يوجد وقت كاف، وعلى الحكومة أن تعلن عن خطة واضحة محددة، وثابتة قدر الإمكان، لأن كثرة تغيير القرارات ستزيد من حالة الاضطراب والتشويش، خصوصا، أن الإشاعات تنهمر في البلد، حول احتمال إعادة إغلاق المطار، واحتمال العودة للمدارس والجامعات، وأحيانا احتمال فرض حظر شامل لأسبوع أو أكثر، وهكذا يواجه الناس اضطرابا وتشويشا، وغيابا لليقين والثقة، وكأننا نعيش كل يوم بيوم، فلا قدرة لنا، على توقع الغد.
رئيس الحكومة كان على صلة بخلية الأزمة، قبيل رئاسته للحكومة، وهو بهذا المعنى ليس غريبا عن ملف أزمة كورونا، لكنه الآن بات صاحب القرار، وعليه بكل صراحة أن لا يضيع الوقت في دراسة الملفات التي يعرف أغلبها أساسا، ولا بد من إعلان محدد يوضح كل النقاط العالقة أو التي يتوقع الناس تغيرات حولها، كون الوضع العام، لا يحتمل أي قرارات مفاجئة.
يحتاج الناس كلاما واضحا بشأن الحظر، وهل سيعود بشكل ممتد أم لا، وما جدوى حظر اليومين، حتى يستطيع الناس أن يخططوا لحياتهم، والتزاماتهم، وهذا ملف مهم جدا؟
الحظر الجزئي أو الكلي الممتد لأيام أسهل الحلول، وهو حل يعبر عن عجز في إلزام الناس بالإجراءات الوقائية، خصوصا، أن أنماط الحظر ستؤدي إلى أضرار كبرى، لن تحتملها موازنة الحكومة، ولا خزينتها، ولا صبر الناس، الذين جربوا الحظر الشامل لفترة طويلة، والذين يشكون الآن من حظر اليومين، ولا يعرفون جدواه الفعلية.
ملف كورونا، وتأثيراته الصحية والاقتصادية، ملف عالمي، وليس محليا، كما أن هذه الحكومة هي الثانية التي تدخل إلى ذات الملف، مع بقاء خلية الأزمة ذاتها، بوجود الرئيس الذي كان طرفا سابقا في إدارة العملية بعيدا عن أعين الإعلام، وهذا يعني بكل وضوح أن الناس يفترضون خطة معلنة مطورة، تخفف عنهم الآثار الاقتصادية، وتحمي الوضع الصحي في البلد، هذا مع الإقرار هنا، أن الخيارات محدودة، وأن حزمة القرارات قد لا تتغير كثيرا.
هناك حملة سياسية ضد الحكومة بدأت مبكرا، لاعتبارات كثيرة، إلا أن مجمل الوضع في الأردن يفرض الصبر على الحكومة حتى تتضح خطتها، واللافت للانتباه أن ذات الرئيس تحدث بعد ساعات من القسم عن قرارات مؤلمة محتملة، وهذا فتح الباب لتفسيرات كثيرة، صحياً واقتصادياً، والأصل هنا أن لا يبقى الكلام غامضا ومبنيا للمجهول، حتى لا يوظفه خصوم الرئيس، وأن يتم توضيح المقصود بالكلام، منعا للإشاعات، من جهة، ولتسهيل مهمة الحكومة أيضا، وحتى يكون الناس على بينة حول كل شيء.
حالة التقلب في القرارات والإجراءات التي أشرت إليها سابقا، ليست سمة أردنية، إذ ان حكومات كثيرة في العالم اتخذت قرارات وعادت عنها، أو عدّلت عليها، لكننا نعيد التذكير أن الوضع الاقتصادي من جهة، وحالة الروح المعنوية، وسوء التفسيرات، والتأويلات، يؤدي إلى عدم احتمال المزيد من التقلب، وهذا يفرض تحديدا أوضح، حتى لا يبقى الناس تحت وطأة الشعور بوجود مفاجآت بين لحظة وثانية، وهذا أمر لا يمكن قبوله في هذا التوقيت.
ما يمكن قوله بكل بساطة إن هذه الحكومة الجديدة ورثت أزمات قديمة، لم تصنعها هي، إلا أن هذا لا يعفيها من المسؤولية، وأيضا يبدو واضحا أن حجم التتبع والترقب لقراراتها يبدو مرتفعا جدا، بما يفرض على الحكومة الإعلان عن نواياها بشكل محدد إزاء ملفات كثيرة، ولا نية لأحد بعرقلتها مسبقا، في ظل هذه الظروف الصعبة والحساسة التي نمر بها.