صدى الشعب – كتب محمد علي الزعبي
لطالما اعتبرت أزمة المياه في الأردن امتحاناً وجودياً يتجاوز حدود الإدارة اليومية ليغدو جزءاً من هوية الدولة وتحديها الأكبر، نحن نعيش في بلد صنّف مراراً ضمن الدول الأفقر مائياً على وجه الأرض، ومع ذلك لم نترك أنفسنا لليأس أو للانكسار أمام قسوة الطبيعة، وأنا أراقب هذا الملف عن كثب، أجد أن ما تحقق في صيف هذا العام يستحق التوقف عنده بجدية، فقد لمسنا جميعاً أن وزارة المياه نجحت في وضع خطط وسياسات منحتنا طمأنينة وأماناً لم نعهده في سنوات سابقة.
لقد شعرت، مثل كل مواطن، أن حصة الماء التي وصلت إلى بيتي لم تكن مجرّد دورية مائية عابرة، بل ثمرة جهد منظم وبرامج دقيقة في توزيع المخصصات بين المحافظات، ومن هنا أرى أن الوزارة استطاعت أن تبني جسراً من الثقة، وأن تضع المواطن في صلب أولوياتها، وهو أمر لا يتحقق إلا إذا كانت الإدارة صادقة مع نفسها أولاً ومع الناس ثانياً.
أدرك تماماً حجم الانتقادات التي وُجهت للوزارة، خصوصاً مع جفاف بعض السدود وتراجع مخزونها المائي، هذه الانتقادات في جزء منها مشروعة، لكنني أجد أن الصورة الكاملة أكبر من ذلك بكثير، فقد تجاوزت الوزارة حدود العجز الطبيعي، وبنت قاعدة صلبة لإيصال المياه إلى المنازل دون عوائق تذكر، وأنا أعتقد أن هذا الإنجاز لم يكن ليحدث لولا وجود عقل إداري يملك الجرأة على اتخاذ قرارات موزونة، ويعرف كيف يوظف الإمكانات المحدودة لخدمة المجتمع.
من خلال متابعتي للمشهد، أستطيع القول إن صيف 2025 مثّل اختباراً حقيقياً نجحت فيه وزارة المياه، لم نسمع عن انقطاعات طويلة أو أزمات خانقة، بل لمسنا توزيعاً متوازناً وذكياً. وفي رأيي، هذا النجاح يبرهن أن إدارة الأزمات لا تقوم على وفرة الموارد بل على حكمة توزيعها وعدالتها.
إن ما تحقق هذا العام ليس مجرد نجاح عابر، بل درس وطني عميق، أن الأردن، رغم شح موارده، قادر على تحويل أزماته إلى فرص، وأن القيادة الإدارية إذا امتلكت الرؤية والوعي استطاعت أن تمنح الناس أماناً حتى في أحلك الظروف، وأنا أرى أن ما جرى في ملف المياه هذا الصيف يجب أن يُقرأ كتجربة إصلاحية في جوهرها، تثبت أن الإرادة إذا اقترنت بالعمل الجاد فإنها تصنع المستحيل.






