صدى الشعب – ليندا المواجدة
رأى الخبير والمحلل الاقتصادي الدكتور رعد التل أن توقيع تسع اتفاقيات ومذكرات تفاهم بين الأردن ومصر في ختام اجتماعات اللجنة العليا المشتركة يمثل خطوة استراتيجية تتجاوز تعزيز العلاقات الثنائية إلى إعادة التموضع الاقتصادي في بيئة إقليمية تشهد تحولات وتحديات متسارعة.
وأوضح التل أن المرحلة المقبلة تتطلب الانتقال من التبادل التجاري التقليدي إلى تعميق التكامل في القطاعات ذات القيمة المضافة العالية بما يعزز القدرة التنافسية للبلدين في الأسواق الإقليمية والدولية.
وأشار إلى أن قطاع الطاقة كان حاضراً بقوة في هذه الاتفاقيات من خلال التركيز على الربط الكهربائي وإمدادات الغاز وهو ما يفتح المجال لتأسيس سوق إقليمية للطاقة تخدم الطرفين وتحد من المخاطر الناجمة عن تقلبات الأسعار أو الانقطاعات المفاجئة. وأضاف أن الأردن سيستفيد من هذه الخطوة في تعزيز أمنه الطاقي وخفض كلف الإنتاج الصناعي، فيما تتيح لمصر فتح مسارات تصدير جديدة تدعم عائدات النقد الأجنبي وتعزز مكانتها كمركز إقليمي للطاقة.
أما الاتفاقيات المتعلقة بالنقل والترانزيت، فاعتبرها التل جزءاً من إستراتيجية لدمج الممرات التجارية الإقليمية، بحيث يسهم الربط المحسن بين الموانئ المصرية – خاصة عبر العقبة والسويس – في تقديم بدائل لوجستية أكثر تنافسية ومرونة لسلاسل الإمداد، ما ينعكس إيجاباً على حركة التجارة ويخفض الكلف على الشركات في البلدين.
وفي القطاع الصناعي والاستثماري، أشار التل إلى أن الاتفاقيات تفتح المجال أمام التكامل الإنتاجي بين الصناعات الأردنية والمصرية، بما يشمل الصناعات الدوائية والأسمدة والصناعات التحويلية والمنسوجات والبتروكيماويات، وصولاً إلى إقامة مناطق صناعية مشتركة واستغلال اتفاقيات التجارة التفضيلية للوصول إلى أسواق الاتحاد الأوروبي وأفريقيا.
كما لفت التل إلى أهمية البعد السياحي في الاتفاقيات، من خلال إمكانية دمج الموارد السياحية للأردن ومصر في عروض مشتركة تستهدف أسواقاً بعيدة المدى، خاصة إذا تم دعمها بخطط تسويق موحدة وشبكات طيران منخفضة الكلفة، بما يحول البلدين إلى محور سياحي تكاملي.
وشدد التل على أن التوافق السياسي بين عمّان والقاهرة يوفر بيئة مؤسسية مستقرة تعزز فرص نجاح هذه الاتفاقيات، لكن الأثر الفعلي سيظل مرتبطاً بآليات التنفيذ ووجود أهداف كمية واضحة، مثل رفع حجم التجارة البينية أو زيادة حجم الاستثمارات المشتركة خلال فترة زمنية محددة.
وختم التل بالتأكيد على أن هذه الاتفاقيات تتقاطع مع أولويات “رؤية التحديث الاقتصادي” في الأردن، خاصة في مجالات البنية التحتية والطاقة والنقل والسياحة والصناعة، وأن تفعيلها بشكل متكامل يمكن أن يحول الشراكة الأردنية – المصرية إلى منصة متقدمة للتكامل الإقليمي، تقلل من المخاطر الخارجية وتزيد من القدرة التنافسية في بيئة اقتصادية عالمية متقلبة






