أبطال الجيش الأبيض يروون قصص مؤثرة ساهمت بشفاء المرضى والتخفيف من معاناتهم
صدى الشعب ندى جمال
يحتفل العالم باليوم الدولي للتمريض سنوياً تقديرًا لإسهامات كوادر التمريض في الرعاية الصحية والأمن الصحي العالمي، وليجسد الاهتمام بجهودهم في سبيل توفير الرعاية التمريضية للجميع، وجهودهم لتطوير وتحسين جودة وكفاءة خدمات الرعاية الصحية المقدمة .
ويهدف الاحتفال بهذا اليوم كذلك لإبراز الإسهامات النبيلة للطواقم التمريضية في خدمة جميع المرضى وأفراد المجتمع في إطار تحقيق أهداف التغطية الصحية الشاملة، والنظر إلى تطوير مستقبل مهنة التمريض في العالم، وتوعية المسؤولين في الرعاية الصحية حول حقوق الممرضين والممرضات.
الممرضة المثالية
تحدثت الممرضة رانيا رشيد والتي تعمل بهذه المهنة منذ 23 سنه، أنهيت دراسة التمريض في الجامعة وتعينت في مستشفى البشير في قسم الخداج لمدة سنة، وبعدها انتقلت للعمل في مستشفى الزرقاء الحكومي بقسم الجراحة العامة، وحيث تم تكليفي برئاسة القسم لمدة خمس سنوات، وانتقلت بعدها إلى قسم الحروق في ذات المستشفى وحصلت على لقب مستشار من مجلس التمريض الأعلى في مجال الحروق والجروح ومن ثم رئاسة قسم التمريض في الإسعاف والطوارئ.
وتقول رانيا، انه ومن العلامات الفارقة في مسيرتها كممرضة حصولها على لقب “الممرضة المثالية” وكذلك اعتزازها بجميع المرضى الذين كانوا يرقدون على أسرة الشفاء، وهم بمثابة الأهل بالنسبة لها، ومصدر التحفيز لها لبذل المزيد من الجهد للعناية بهم والحرص على راحتهم وتقديم الخدمة التمريضية الفضلى لهم.
وعن التحديات التي تواجهها في قسم الطوارئ والتي يصفها البعض بالبؤرة الساخنة، تقول الممرضة رانيا: ” نستقبل يوميا قرابة 1500 حالة مما يشكل ضغطا على الكادر التمريضي في المستشفى مع الأخذ بالاعتبار نقص الكوادر التمريضي إلى جانب حق الممرض بأخذ يوم off ، وعليه ناشدت الممرضة رانيا وزارة الصحة بتأمين كوادر تمريضية لتغطية النقص الموجود.
وعللت رانيا النقص الحاصل بالكادر التمريضي إلى هجرة الكادر التمريضي من أصحاب الخبرة للعمل خارج الأردن، مستدركة أنه كان على وزارة الصحة تلبية الاحتياجات المحلية من الممرضين والممرضات ومن ثم العربية وكذبك تأمين البديل حال سافر ممرض للعمل في الخارج وعدم ترك المكان فارغاً وتغطية الزملاء من الكوادر التمريضية مكانه.
وكشفت رانيا عن إصابتها مؤخراً بمرض السرطان، ما جعلها تخضع للعلاج، ولكن المفاجأة خصم وزارة الصحة مبالغ من راتبها الشهري وبصورة متكررة ولم يؤخذ مسيرتي المهنية كممرضة ولمدة طويلة دون غياب، مسجلة العتب بهذا الخصوص، مشيرة أنها لا تزال تتلقى جلسات كيماوي.
وتابعت، إنها على علم بأن قانون وزارة الصحة يتضمن خصم الإجازة المرضية منذ اليوم الأول، ولكن لابد من استثناءات، خاصة وأن حالتها المرضية تتطلب المزيد من جلسات العلاج والذي يقابله خصومات مستمرة .
مهنة الإنسانية قبل إي شيء
وتستذكر الممرضة سهام الرحال، نائبة رئيسة قسم العمليات اليومية في ذات المستشفى، والتي تمتد مسيرتها لأكثر من 25 عاما، قصة غريبة كانت السبب لدخولها إلى عالم التمريض، وتقول عندما كنت بالمرحلة الإعدادية اصطحبتني والدتي معها لتتلقى العلاج، وحيث كانت تتواجد ممرضة بمنتهى الفظاظة، ما جعل سلوكها يجعلني صاحبة طموح بأن أصبح بعد أن أكمل دراستي الثانوية ممرضة وهذا ما حصلن مشيرة إلى أن مهنة التمريض إنسانية قبل كل شيء.
وتضيف الرحال:”نحن وجدنا في المستشفى لرفع معاناة المرضى والتخفيف عليهم، ولكن في بعض الأحيان نجد الخلل ليس بالكادر الطبي أو التمريض وخدماته ولكن بالأشخاص أنفسهم، وعليه يجب أن يكون لديهم حسن تقييم للموقف، والعلم بأن الممرض مسؤول عن عدد من المرضى بذات الوقت وعليه تقديم الخدمة التمريضية لهم ما يزيد من حجم ضغط العمل وجميع الممرضين هم يعملون بجد وتفاني
وتتابع: ” في بعض الحالات تنشأ علاقة صداقة قوية بين الممرض والمرضى، وهذا ما حصل معها حينما كانت تعمل في قسم الكلى،وحيث كان هناك مريض غسيل كلى ثلاث مرات أسبوعياً ولمدة تتراوح بين 4 إلى 5 ساعات ما يخلق حوار بين المريض والممرض والبوح “الفضفضة”عما يجول بخاطره وعلى الممرض أن يستوعب المريض تبعاَ لحالته المرضية والنفسية.
وتوضح الرحال، أن الممرض ينتقل من قسم إلى آخر ليكتسب مهارات جديدة، وتنصح الشباب حالياً التوجه إلى مهنة التمريض، حيث أنها من المهن المفتوحة للتوظيف سواء في القطاع العام والخاص وذات مردود مادي جيد،ما تشعر الممرض والممرضة بالأمان بالمستقبل.
مهارات التواصل وضبط النفس
أما بالنسبة للممرض القانوني أسامة الهندي الذي عمل بقسم الباطنية ثم انتقل لقسم العناية الحثيثة (ICU)، فقد اختار دراسة التمريض لأنها كانت الأنسب من بين التخصصات الجامعية، مشيراً أنه ومنذ الفصل الدراسي الأول في الجامعة أحب تخصص التمريض واندمج فيه لأن التطبيق العملي يأتي مواكباً للنظري، وحيث عمل بمستشفى الزرقاء وبنفس المحافظة التي يسكن فيها والمعروفة بتنوع فئاتها وطبقاتها.
وبين، بأن عمله بقسم العناية الحثيثة والطوارئ له طابع خاص، فهناك المرضى من الحالات الحرجة التي تختلف كثيراً عن قسم الباطني بحالاته والتي تكون غالبيتها مستقرة، مشيراً إلى أنه كان يقوم بتقديم العناية التمريضية لنحو 10 حالات مرضية، وبقدمها الآن لنحو 3 مرضى ولكن بصعوبة بالغة لأن ممرض العناية الحثيثة يعمل من الساعة 7 للساعة 4 بصورة مستمرة دون استراحة ،وحتى لا يحصل على استراحة الغداء في أغلب الأوقات .
وعن المجهود الجسدي يقول:” مع مرور الأيام تصبح نفسية الممرض اعتيادية فرؤية الحوادث الصعبة وصراخ بعض الأهل كانت تبقى في ذهني، ولكن مع مرور الوقت امتلكت شيئاً من الصلابة وتقدير الموقف، وخارج نطاق المستشفى لم تؤثر بالنسبة لي نفسياً، ولكن داخل المستشفى أصبح لدي خبرة في التواصل مع المريض وأهله وكذلك مع زملائي وأحرص على الحفاظ على الهدوء وعلى العكس أحاول التخفيف عن الآخرين من أهالي المرضى .
ويتابع: أنه يرى التقدير من الأهل والجيران وحتى الأصدقاء لأنه ممرض، وهم دائما يتواصلون معه للاستشارة، ولكن نصيحته تكون دائماً ضمن تخصصه ومعلوماته، مشيراً أنه ينصحهم في أغلب الأحيان بمراجعة الطبيب صاحب الاختصاص للحصول على الخدمات الطبية الفضلى.
مواصفات الممرض
من شدة حب الممرض محمد دار عاصي، مدير إدارة المخاطر لمهنة التمريض، الذي تتجاوز خدمة 23 عاماًن فأنه يكمل مسيرته التعليمة ويستعد لمناقشة أطروحة الدكتوراه في مجال تخصصه، مبيناً أن حبه لمهنة التمريض لا حدود له ويقول:” بدأت ممرض عمليات ثم ممرض طوارئ، ثم انتقلت للعمل في السعودية، كمدرس تمريض، ثم مساعد عميد للشؤون التعليمية لمدة 13 عاما، وترأست وحدة التدريب والامتياز وفي 2018 رجعت للعمل في وزارة الصحة .
وأشار إلى انه بعد جائحة كورونا، ومع انفتاح سوق العمل، غير انه ظل هناك نقص في الكوادر لعدم توفر الخريجين إلى جانب ان الوظائف الحكومية مرتبطة بجدول التشكيلات، وهذا لا يعني أن الخريجين جالسين في بيوتهم فهناك طلب من دول الخليج تستقطب أعداد متزايدة من الممرضين.
وعلل سبب هجرة الكوادر التمريضية للعمل خارج البلاد أن السبب يعود إلى العرض والطلب ولا نستطيع إلقاء اللوم على الممرضين في نهاية الأمر كلٌ يبحث عن مصلحته هناك فرق عندما اعمل بوزارة الصحة بــ 600 دينار وهناك عقد بدولة خليجية بــ 3000 دينار بالطبع هناك مصلحة للجهتين الممرض يحسن وضعه المادي ويجلب المال للبلد ومن ناحية أخرى يخلق شاغراً لغيره، وكمستشفى الزرقاء الحكومي عندما نردد مقولة نقص كوادر لأنه يخدم 2 مليون نسمة ويغطي محافظة الزرقاء كاملةً إضافة إلى محافظتي المفرق والأزرق إلى جانب اللاجئين السوريين وكذلك الجنسيات الأخرى المقيمين في المنطقة، داعياً إلى مستشفى أخر ليستوعب الأعداد المتزايدة من المراجعين .
وعن المواصفات التي يجب توافرها بالممرض كونه ممارس ومدرس معا يجب ان يكون مؤهل علمياً ،يتميز بالصبر وقوة التحمل ، يمتلك مهارات الإتصال وان يسمع ويعمل بروح الفريق ، ويمتلك مهارات لحل النزاع.
ويضيف :” من سلبيات المهنة، العنف الذي يتعرض له الممرض والكادر الطبي ككل وتأتي بالمرتبة رقم 2 عالمياً بالمخاطر المهنية للعاملين بالقطاع الصحي وإذ يجب وضع التشريعات والأنظمة المتعلقة بالمساءلة القانونية.
وتفسر الممرضة القانونية سماح ياسين التي تعمل بعيادة التثقيف للسكري، وهي ممرضة منذ 21 عاماً، أن دراسة التمريض تكون على درجات منها، عامل تمريض،وتمريض مساعد، تمريض مشارك، مشيرة إلى أنه ومنذ تعينها فضلت العمل في قسم الأطفال، كونها تتمتع بالصبر وتمتلك مهارات التعامل مع معهم .
وتتابع:” كان قسم أطفال يعالج حالات الجراحة والكسور والعمليات الأذينية والحروق إلى جانب أزمة الأعياد بسبب إصابات الألعاب النارية ومسدس الخرز، حيث كان القسم يستقبل بحدود 50 إلى 60 حالة يومياً.
وعن صعوبات التي واجهت سماح تقول:” كوني ممرضة في محافظة الزرقاء، وهو مجتمع فقير نوعاً يعاني نسبة كبيرة من السكان من مرض السكري الذي ينقسم لأنواع، وحيث ساهم النظام الغذائي في كثير من الأحيان في زيادة حالات السكري من عمر 5 سنوات .
وتضيف :” من المواقف المحفورة في ذهني كنا نحاول إنعاش قلب طفل وللأسف فارق الحياة والأم كانت منهارة احتضنتها، وحاولت زرع الصبر في نفسها وبعدها بسنوات التقيت بها صدفة بالمستشفى لتحتضنني وتذكرني بنفسها .
العمل الجماعي مفتاح النجاح
ترى الممرضة عفاف محمود الزيود خبرة 25 عاماً، أن منصب رئيسة وحدة التمريض بالمستشفى، هو منصب حساس ويتطلب احتياجات كبيرة وتقول:”تنقلت بين عدة أقسام، مثل العناية الحثيثة، والكلى وقسم الطوارئ، وعملت على نظام الحوسبة لبرنامج حكيم ( الملف الالكتروني للمرضى)، وكنت مدرباً لهذا النظام لسنوات، إضافة لعملي في السعودية بوحدة علاج الألم بمدينة الرياض التي اسستها بالكامل من الألف للياء وبفضل الله رفعت إسم بلدي وعكست إنطباع جميل عن الممرض الأردني من حيث المهارات العالية والتميز الوظيفي.
وتتابع الزيود :”سر النجاح في إي مكان هو العمل الجماعي، وكلمة “نحن”، نحن نعمل، نحن ننهض وقد حصلت مستشفى الزرقاء الحكومي على الاعتمادية 3 دورات متتالية من وزارة الصحة وذلك بفضل جميع كوادر المستشفى الذي يمثل الكادر التمريضي نصف العاملين حيث يوجد 520 ممرضا على 495 سريرا على 20 قسما إلى جانب الوحدات ورؤساء الأقسام جميعهم ذو خبرة، ولا أتبع نظام السلطوية والأوامر كوني مديرة بل أتبع مبدأ التشاور والحوار لكسب الثقة بيني وبين مدراء الأقسام وحتى متلقي الخدمة.
وترى الزيود مستوى الممرضين الأردنيين من حيث الكفاءة أنها بالصدارة والممرض الأردني في الخارج يشار له بالبنان وهذا الشيء لمسته بنفسها كونها عملت في مجال التدريس والتدريب حيث يوجد إشراف دائم ومستمر من الوزارة على البرامج التأهيلية للممرضين نظرياً وعمليا .