الجوابرة: المعلم شريك في تشكيل شخصية الطالب ودوره يتجاوز نقل المعرفة
سرحان: تطور التكنولوجيا يُحتم على المدارس التركيز على المهارات لا المعلومات
صدى الشعب – سليمان أبو خرمة
مع تسارع وتيرة التغيرات المجتمعية والتكنولوجية، لم تعد المدرسة مجرد مساحة لتلقّي المعرفة الأكاديمية، بل باتت مطالبة بلعب دور محوري في أعداد جيل يمتلك من المهارات الحياتية ما يؤهله للتعامل الواعي والمسؤول مع تحديات الواقع.
وفي هذا السياق بين خبراء تربويون خلال حديثهم لـ”صدى الشعب” أن المهارات الحياتية، مثل التواصل الفعّال، التفكير النقدي، حل المشكلات، وإدارة الوقت، تُمثل أدوات أساسية في تهيئة الطلبة للحياة العملية والاجتماعية، كما تسهم في تعزيز الثقة بالنفس، وتحقيق التوازن النفسي، إلى جانب تمكينهم من التعبير عن الذات وبناء علاقات قائمة على الاحترام المتبادل.
ولفتوا إلى إن المعلم يلعب دوراً محورياً في هذه المنظومة، ليس كمجرّد ناقل للمعرفة، بل كمربٍ وشريك في بناء شخصية الطالب، من خلال دمج المهارات الحياتية في العملية التعليمية، وتوفير بيئة صفية أمنة ومحفزة تتيح للطلبة النمو على مختلف المستويات.
ركيزة أساسية ببناء شخصية الطالب
أكدت الخبيرة التربوية د. نورة الجوابرة أنه في ظل التغيرات المتسارعة والتحديات المتزايدة التي يواجهها الجيل الجديد، أصبح من الضروري أن تتجاوز العملية التعليمية حدود المعرفة الأكاديمية، لتشمل تنمية المهارات الحياتية لدى الطلاب، باعتبارها أدوات أساسية تمكنهم من التعامل بمرونة ووعي مع الواقع.
وأضافت الجوابرة خلال حديثها لـ”صدى الشعب” أن المهارات الحياتية مثل التواصل، التفكير النقدي، حل المشكلات، أداره الوقت، اتخاذ القرار، والذكاء العاطفي، تمثل عنصراً أساسياً في تكوين شخصية الطالب المتوازنة.
وأشارت إلى أنه لا يكفي أن يكون الطالب ناجحًا في الرياضيات أو العلوم، بل يجب أن يمتلك القدرة على التفاعل مع الأخرين، التكيف مع المواقف المختلفة، وحسن التصرف في الأزمات.
وحول ما يسهم فيه تعليم المهارات الحياتية، أوضحت أن ذلك يشمل تعزيز الثقة بالنفس والاستقلالية، حيث إنه حين يتعلم الطالب كيف يعبّر عن رأيه، ويدير وقته، ويتخذ قراراته، تتعزز ثقته بقدراته.
وأضافت أن تعليم هذه المهارات يسهم كذلك في تحسين التفاعل الاجتماعي، ويتم ذلك من خلال تعلّم مهارات التواصل وحل النزاعات، ما يجعل الطالب أكثر قدرة على بناء علاقات صحية مع زملائه ومعلميه وأسرته.
وأشارت إلى أن المهارات الحياتية تسهم أيضاً في الاستعداد للحياة العملية، حيث تجهز الطالب لسوق العمل من خلال تنمية قدرته على التعاون، والتفكير الإبداعي، وتحمل المسؤولية، إلى جانب دورها في تعزيز الصحة النفسية، إذ إن الطلاب الذين يتقنون إدارة ضغوطهم ويتعاملون مع مشاعرهم بوعي يكونون أكثر توازناً واستقراراً.
وحول دور المعلم في هذه العملية، أشارت إلى أن المعلم ليس مجرد ناقل للمعرفة، بل هو موجه ومربٍ وشريك في تشكيل شخصية الطالب حيث تشمل مسؤولياته في هذا الجانب أن يكون قدوة؛ حيث ينقل للطلاب بتصرفاته وأسلوبه دروساً غير مباشرة في الاحترام، والانضباط، والتواصل.
وأضافت أن من بين هذه المسؤوليات أيضاً دمج المهارات في التعليم اليومي، إذ يمكن للمعلم أن يستغل كل حصة دراسية كفرصة لتعليم مهارة حياتية، سواء عبر العمل الجماعي، طرح الأسئلة المفتوحة، أو إدارة النقاشات.
ولفتت إلى أهمية توفير بيئة أمنة ومحفزة، موضحة أن المهارات الحياتية لا تُكتسب في بيئة مليئة بالخوف أو التوتر، بل تحتاج إلى مناخ من الثقة والدعم.
كما أكدت أن دور المعلم لا ينتهي بالتعليم، بل يمتد إلى متابعة نمو المهارات لدى الطلاب، وتقديم التغذية الراجعة البنّاءة.
وأكدت أن تعليم المهارات الحياتية في المدارس لم يعد خيارًا، بل أصبح ضرورة لتهيئة جيل قادر على العيش بوعي، والمساهمة الفعالة في بناء المجتمع.
وأشارت إلى أن المعلم يقع في قلب هذه المهمة، حيث يُعد المرأة التي ينعكس فيها سلوك الطالب، والداعم الأول لتطوره المتكامل.
تهيئة للحياة الاجتماعية والعملية
من جانبها قالت الخبيرة التربوية د. ميرفت سرحان إن المدارس تعمل على تعليم الطلبة العديد من الخبرات والمعارف والحقائق، سواء في المجالات العلمية والأكاديمية أو الدراسات الاجتماعية والمواضيع الأدبية، كما تهتم بزيادة قدرة الطلبة على أنجاز وإتقان هذه الخبرات، وزيادة نسبة تحصيلهم للمعلومات الهامة في المجالات المتعددة.
وأشارت إلى أنه لا شك بأن ما تقوم به المدارس في هذا المجال له أهمية كبيرة في زيادة مهارات الطلبة الثقافية، وتفوقهم في إداء واجباتهم الوظيفية مستقبلًا.
وأكدت أنه مع تطور الوسائل التكنولوجية في الوقت الحالي، وسرعة وسهولة الوصول إلى المعلومة، قد يبدو أن أهمية المدارس في مجال نقل المعلومة قد بدأت تتدنى؛ وأصبح لا بُدّ من زيادة التركيز والاهتمام على تدريب الطلبة على مجموعة من المهارات الحياتية.
وبيّنت أن هذه المهارات تتمثل في قدرة الطلبة على التواصل مع الأخرين بشكل فعّال يُسهم في تأسيس علاقات مبنية على الاحترام المتبادل، والتقدير المتبادل لمكانة وخبرة كل من الطرفين، بالإضافة إلى تمكين الطلبة من مهارات التعبير عن الذات بأسلوب سلس وسليم، يخلو من حب الذات السلبي والتهكم بالأخرين، ويتحرر من نكران الذات والانصياع القهري للأخرين.
وأشارت إلى أنه ربما يكون من أجلّ ما يُسهم به المعلم، وهو سيد غرفته الصفية، أن يُعلّم الأخلاق الحميدة للطلبة، ويُدرّسهم فن التواصل مع الأخرين، ثم يثقفهم حول “إتيكيت” التعاملات.