كتب – الدكتور محمد عبد الستار جرادات
زيارات جلالة الملك عبد الله الثاني التفقدية لكافة محافظات المملكة من شمالها الى جنوبها ليست بجديدة ولكنها جاءت تزامنا مع اليوبيل الفضي لتوليه العرش، فمنهج اللقاءات والتواصل والزيارات مع أبناء شعبه كان ولا زال ثابتاً منذ تولية الحكم وطريق سيره على عهد المؤسس الراحل الملك عبد الله الأول ، الذي كان شديد الحرص على تفقد أحوال الرعية أينما كانوا، والذي سار على نهجه من بعده أبناؤه الملك طلال وحفيده الملك حسين طيب الله ثراهما.
ان الزيارات التفقدية التي يقوم بها جلالة الملك عبد الله الثاني تعكس مدى التلاحم والترابط بين القيادة والشعب، وهذا ما لمسناه بالفعل في كل زيارة ميمونة فبشائر الخير تحل معها أينما حلت، ورسائل واضحة للجميع أن الأردن منيع وعصي على كل من يحاول تفرقته وزرع الفتن فيه.
لقاءات الملك مع أبناء شعبه من أبناء العشائر والمخيمات بكافة اطيافهم كانت تأكيداً على أن وحدتنا الوطنية مصدر منعة الأردن وقوته والدافع لنا لمساندة الأشقاء أينما كانوا، وأن مسيرة الوطن الحافلة بالإنجاز على مدى 25 عاما، ومواقف الأردن الثابتة في دعم صمود الأشقاء الفلسطينيين والأهل في غزة، ثابته لم ولن تتغير او تتبدل بإذن الله.
فقوة وتماسك الجبهة الداخلية تجعل المملكة اكثر قدرة على مساندة الأشقاء العرب، خصوصاً الأهل في فلسطين، وهذا كان واضحاً حين لبى الأردن للنداء غزة، وأوصل المساعدات الغذائية والمواد الطبية جواً وبراً رغم المخاطر، بإشراف ملكي هاشمي كون فلسطين حاضرة دوماً بوجدان الهاشمين لوصايتهم التاريخية والدينية على المقدسات في فلسطين المحتلة، وبالأخص المسجد الأقصى المبارك.
اما الجانب الآخر من الدلالات والرسائل التي حملتها الزيارات الملكية تمثلت في المواقع التي تمت بها اللقاءات مع أبناء الوطن، فاختيارها كان يحمل بعداً تاريخياً وترويجياً، فمثلا زيارة جلالة الملك للبادية الشمالية في موقع أم الجمال الأثري الذي يعكس عمق تاريخ الوطن، والبادية الوسطى في باحة قصر المشتى بمنطقة القسطل، وفي محافظة العقبة أيضاً حين كان في ساحة القلعة المطلة على خليج العقبة الذي كشف جمال المكان وسلط الضوء عليه.
منح جلالة الملك عبدالله الثاني هذه الأهمية الكبرى للمواقع الأثرية والتاريخية، في مناسبة اليوبيل الفضي عبر تلك اللقاءات والزيارات رسالة هامة ونموذجية بهذا الشأن، وذلك لتمكين القطاع السياحي الذي هو أحد أهم روافد الاقتصاد الوطني وللنهوض به وتعزيز تنافسيته في المنطقة، لاستقطاب المزيد من السياح خاصة وان المنطقة العربية والشرق الأوسط قد تراجعت سياحياً جراء الحرب على غزة.
هذه الزيارات واللقاءات أيضاً لم تخلو من ذكر القوات المسلحة والأجهزة الأمنية فيها، فكان ذكرهم على الدوام حاضراً وذلك تقديراً واعتزازاً من جلالته برفقاء السلاح وحماة الوطن الساهرين على أمنه واستقراره نتيجة جهدهم وتفانيهم في عملهم الدؤوب في الحفاظ على الوطن ومستواهم المتميز في الأداء والواجب.