كتبت : اية الجعفري
“الألمانية” ليست في بلاد الرايخ، ولا في احدى مُقاطعاتها، وإنما بلدة على اطراف العاصمة عمان، لكنها منسية، وبعيدة عن الرفاه والخدمات التي تحتاجها أي منطقة، لتدرك فور دخولك لها انها ليس لها من اسمها نصيب.
فالقرية المعزولة والتي تقع في اقصى غرب عمان، تعود تسميتها بهذا الاسم الى مجموعة من الألمان عاشوا بها خلال القرن الماضي، حتى ان سيدة المانية بقيت تسكن فيها لمدة طويلة ولا يزال آثار قصرها ظاهرا، بحسب مختار القرية سالم المناصير ” أبو عودة”.
وتتميز ” الألمانية ” بهدوئها وأجوائها الصيفية والربيعية، ومعشر أهلها ومحبتهم وترحيبهم بضيوفها، فيما تحيط بالمنطقة أشجارا كثيفة وتزرع فيها الخضار بمختلف أنواعها. ومع أن سكانها يصل عددهم الى 5 الاف لكن القرية تخلو من اي مظاهر حكومية باستثناء مبنى مدرسة.
ويحتاج الزائر الى القرية للمسير بالسيارة مسافة 13 كم تقريباً للوصول الى شارعها الرئيسي عند قدومه من الدوار الثامن في العاصمة بحسب الناشط المحلي فيها جلال المناصير.
ويضيف المناصير، انه رغم عدم الاهتمام الحكومي بالبلدة، الا ان اهلها لم يتخلوا عنها، في وقت من المفترض أن تتصدر البلدة أهم المواقع السياحية الأردنية، سيما وانه يوجد في محيطها قصر عراق الأمير، الذي بني في عهد العمونيين منذ مئات السنين قبل الميلاد.
غير ان البلدة تفتقر لأبسط مقومات الترويج السياحي، ويغيب عن سكانها أي دعم لمقومات زراعية اوغذائية.
تعاني القرية من نقص بالمواصلات والخدمات الإدارية والحكومية، علماً أن الأهالي تقدموا أكثر من مرة بمطالبات للمسؤولين، ولكن دون جدوى.
ويعبر أحد سكان القرية طلب عدم نشر اسمه، عن معاناته من أزمة المواصلات، مشيرا الى انه قبل جائحة كورونا “كانت الأزمة تبدأ منذ الصباح الباكر عندما يذهب الى الجامعة وحتى العودة مساء.
ويؤيده طلاب آخرون في القرية، علماً أن القرية تضم مجموعة من الشباب المتعلمين، فمنهم الممرض والمعلم والمحامي ومعلمات الصف أيضاً، بمستويات عالية في التعليم.
ويؤكد مختار القرية أبو عودة المناصير”،.. بأنه كان من المفترض أن تغطي المنطقة بمواصلات النقل إذ يوجد خط ( مرج الحمام – القصبات ) إلا أنه لا يصل نهاية الخط المقرر له، لافتا إلى أن السكان بجميع فئاتهم يخرجون الى أعمالهم.
وقال المختار أن أهالي المنطقة يعملون في الزراعة ووظائف خدمية، بحيث يتراوح معدل الدخل من (200-400) دينار، أي أنها منطقة تعيش تحت وطأة خط الفقر، بحسب دراسة الإحصاءات العامة الأخيرة.
وبين المناصير، أن المنطقة لا يوجد فيها مركز صحي رغم وجود ما يقارب من 5000 نسمة، الأمر الذي يجعل المعالجة الطارئة شبه مستحيلة، إذ يضطر سكانها إلى نقل مرضاهم لمنطقة عراق الأمير لوجود أقرب مركز صحي لمواطنيها.
ويقول إن المنطقة شهدت حالات غرق قبل ذلك، نظراً لوجود برك ماء لغايات الري، وحالات لدغ زواحف ( أفاعي وعقارب )، البعض منهم تعذر انقاذهم في السنوات الماضية لبعد المسافة بين مكان الحادث والمركز الصحي الأقرب، حيث توفي 4 أشخاص حينها من حوادث اللدغ والغرق.
عند دخولك للقرية يبدو واضحاً، أن الحفر تملئ الشوارع، وصُغر حجم مساحة الشارع بحيث لا يتسع إلا لمركبة واحدة ، فيما الخلطة الأسفلتية فيها تعاني من الخلل الكثير، في حين ان الإنارة تصل مسافة لا تتعدى كم واحد، بينما تعاني بقية الشوارع من الظلمة.
ويدعو أحد سكان القرى العم ” أبو محمد ” الذي يعمل في الزراعة، الى استغلال المنطقة الجغرافية وجعلها منطقة تُلبي أيضاً احتياجات سكانها من الغذاء، بسبب توافر جميع العوامل التي تؤدي إلى نجاح زراعة المحاصيل وزيادة الإنتاجية في القرية.
ويلفت الشاب وليد، الى حاجة القرية الى مراكز شبابية وتعليمية، ففي قرية القصبات المجاورة لها كان يوجد مركز القصبات لتكنولوجيا المعلومات وخدمة المجتمع المحلي، وهو مركز تابع لأمانة عمان الكبرى، لكنه أغلق مع العلم أن المنطقة مليئة بطلاب العلم، وممن على مقاعد الدراسة.
ويؤكد رئيس بلدية مرج الحمام د. محمد المناصير، وجود نقص في الخدمات المختلفة للقرية، مشيراً إلى أن البلدية غير ملزمة بتأمين هذه الخدمات، على اعتبارها ليست الجهة المسؤولة عن تأمينها، ولكن البلدية تعمل على مخاطبة الجهات المختصة مساهمة منها في مساعدة أبناء المنطقة لتوفير هذه الخدمات لهم.
ويحمل المناصير الوزارات المختصة مسؤولية عدم توفير الخدمات لهذه القرى.
ويبين مصدر من وزارة السياحة، بان الوزارة كانت تعمل قبل جائحة كورونا على وضع خطة ترويجية متكاملة من أجل رفع سوية المواقع السياحية في المملكة، ومنها هذه البلدة وذلك بالتعاون والتنسيق مع دائرة الأثار وجميع الجهات المختصة ذات العلاقة، لكن الظروف لم تساعد في اتمام الخطط والمشاريع.