نبيل- الكوفحي
…
الايات التي تأمر بالجهاد وتتحدث عنه في كثير من طوال السور قدمت الجهاد بالمال على الجهاد بالنفس في كل المواضع الا في موضع واحد، مما جاء في ذلك قوله تعالى ( انفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ) ولعل الحكمة من ذلك؛ ان معظم المسلمين يسعهم الجهاد بالمال سواء كانوا قريبن من ارض المعركة ام بعيدين، كانوا اصحاء وشبابا ام غير ذلك، كانوا رجالا أو نساءا. وهو اعم نفعا خاصة لمن تحول عقبات وموانع بينه وبين الجهاد بالنفس.
الآيةٍ الوحيدةٍ التي خالفت ذلك هي ما جاء في قوله تعالى ( إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ) وهي شمول الجهادين بالنفس والمال لقاء الفوز بالجنة، وهو اقتران خالص لا يفوز به الا قليل.
يظن بعض الناس ان الجهاد بالمال ( اختياري ) وكأنهم ما قراوا الايات الدالة على ذلك، فكلها جاءت بصيغة الامر، وعدّ الله التخلف عن بذل المال في سبيل الله والانشغال بالدنيا والمال تهلكة، و الاية واضحة ( وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ). مما جاء في التفسير ما ورد عن غزو القسطنطينية ( … فحمل رجل من المسلمين على صف الروم حتى دخل فيهم ، فصاح الناس وقالوا : سبحان الله يلقي بيديه إلى التهلكة ، فقام أبو أيوب الأنصاري فقال : يا أيها الناس …. وإنما أنزلت هذه الآية فينا معاشر الأنصار لما أعز الله الإسلام وكثر ناصروه ، فقال بعضنا لبعض سرا: إن أموالنا قد ضاعت ، وإن الله قد أعز الإسلام وكثر ناصروه ، فلو أقمنا في أموالنا فأصلحنا ما ضاع منها ، فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم يرد عليه ما قلنا : وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة ).
من يتابع تحالف العدوان على غزة يرصد عشرات مليارات الدولارات قدمت نقدا وسلاحا لعدونا من دول وشركات، وقطع فتات المعونات عن الاونروا. فاذا كان بعض الافراد عاجزين عن نصرتهم بالجهاد بالنفس، فان واجب الجهاد بالمال لا يسقط عنهم مهما كان شكله، وكلما كانت حاجتهم لشكل معين كان اولى وفي كل اشكاله خير.
لربما يشوب الشك لدى البعض في اثره أو الجهات التي تجمع، لكن هذا لا يعفيهم من عدم القيام به، فالنية هي اساس العبادة والحكم على الغالب والظاهر هو الاولى.
بوركت كل الجهود التي تبذل من كافة الموسسات العامة والاهلية وغيرها في بلدنا وكل البلاد الاخرى التي أتاحت لكثيرين القيام بهذا الواجب. مما يعظم الآجر ان يكون الانفاق في شهر رمضان المبارك، حيث تضاعف الحسنات و تتهيأ النفوس لفعل الخير.
وتقبل الله صيامكم و طاعتكم و زكواتكم و صدقاتكم.