بدأت الحملة الوطنية للتطعيم ضد وباء كورونا صباح أمس، حتى الآن كما تقول وزارة الصحة تسير الأمور كما هو مخطط لها، وهذه أخبار طيبة بالتأكيد. ولكن المهم الاستمرار بالمحافظة على أقصى درجات التحوط واتخاذ الإجراءات الصحية حتى لا نقع ضحية أي تهاون قد يحدث.
تجاوز عدد المسجلين لتلقي اللقاح المائتي ألف بقليل عدا عن الكوادر الطبية. وربما يكون هذا العدد مناسباً مرحلياً لحجم الكميات التي وصلتنا من مطعومي سينوفارم الصيني وفايزر الأميركي والتي ستصل كميات أخرى منها تباعاً وبشكل أسبوعي وصولاً للرقم المستهدف أولياً وهو ما بين مليونين ونصف المليون، قابل للزيادة كلما كان هناك رغبة من الناس بتلقي المطاعيم. وهنا تكمن المعضلة طالما أن الأمور في إطار حرية الاختيار.
يعطي قانون الصحة العامة الأردني وزارة الصحة الحق في إلزامية التطعيم باعتبار سلامة المواطنين من أولى واجباتهم دستورياً. ولكن القرار حتى الآن هو بترك الخيار للناس. ولكن ماذا لو استمر عزوف الناس عن الإقبال على التسجيل والتراخي لاحقاً؟ هنا لا بد للحكومة من اتخاذ إجراءات مختلفة من خلال إلزام موظفي القطاع العام بأخذ اللقاح والتعاون مع مؤسسات كبرى في القطاع الخاص كالبنوك والتعليم الخاص والعاملين في شركات التزويد الغذائي والعيادات الخاصة والصيدليات والمولات التجارية الكبرى لضمان الوصول لأكبر نسبة.
طالما أن عودة الحياة لطبيعتها هاجس الجميع دون أدنى شك والمطالبة بها مبررة هناك معادلة بسيطة لتحقيق ذلك ولا يستدعي تحقيقها بذل جهد كبير وهي الإقبال على أخذ اللقاح دون تردد لأكبر عدد ممكن من المواطنين والالتزام وبنفس الوقت باتخاذ اقصى درجات التحوط صحياً والتباعد الاجتماعي. ويعني النجاحُ في ذلك العودة إلى جامعتنا ومدارسنا ومصانعنا وحتى حياتنا الاجتماعية وكلما نجحنا في ذلك نكون قد اختصرنا كثيراً من الوقت وقللنا من خسائرنا في الأرواح والاقتصاد، وقد نلمس فرقاً كبيراً خلال أشهر قليلة.
الفضاء الالكتروني حافلٌ بحملات الدعوة للعودة للمدارس والجامعات وفتح معظم القطاعات الاقتصادية التي تضررت فعلياً. وهذا كله منطقي وضروري، وينطلق من حجم المعاناة الكبيرة التي تحملها المواطنون. ولكننا الآن أحوج ما نكون لحملة ستساهم في نجاح كل الحملات وهي حملة الحث على أخذ اللقاحات دون الاستسلام لسيل الإشاعات والكلام العبثي الذي يصدر من هواة لا يتحملون أدنى درجات المسؤولية.
نذكر لعل الذكرى تنفع أن دولاً عظمى بإمكانياتها التي لا تقارن بإمكانيات بلدنا تقف عاجزة في معركتها للقضاء على الوباء وهي تسعى لإنجاز حملة إعطاء اللقاح بحيث يتمكن ما لا يقل عن 75 % من مواطنيها من الحصول عليه وبدأت الأصوات تتعالى على إلزامية وإجبارية تلقي اللقاح ومن خلال أدوات مختلفة، وهذا الامر سيتحقق عاجلاً أو اجلاً ولا نذيع سرا إذا قلنا ان شركات الطيران ومنح التأشيرات سيربط بالحصول على التلقيح وليس فقط اجراء الفحص.
مراقبة الاقبال على أخذ اللقاح خلال الأسابيع المقبلة والاستمرار في الالتزام بأساليب الوقاية واستمرار الأجهزة المعنية برصد أي تجاوز لها سواء في الشارع أو المتاجر الكبرى والمؤسسات الحكومية ومراقبة الوضع الوبائي بعد التوجه لفتح العديد من القطاعات وإلغاء حظر يوم الجمعة كلها عوامل أساسية في المعركة ضد كورونا، وأي تراجع يعني العودة للمربع الأول وهو ما لا نتمناه ولكن الدنيا لا تُؤخذ بالتمنيات بل بالعمل الجاد والحزم دون تهاون.
المبتدأ والخبر في العودة لحياتنا الطبيعية وهزيمة الوباء اللعين الذي هز أركان البشرية هو الالتزام والحصول على المطعوم وهي مسؤولية كل فرد منا.