نورالدين نديم
إجتاح بضع مئات من أشبال المقاومة ورجالها خلال ساعات جميع مغتصبات ما يسمى بغلاف غزّة، وتم القضاء على (عصابة فرقة غزّة الصهيونية) بالكامل، فسقطت بين قتيل وأسير.
الأمر الذي أسقط هيبة الاحتلال وحطّم أسطورة الجيش الذي لا يقهر، وأحرج الأنظمة العربية التي تتعذر بقوة الاحتلال والجهات الداعمة له، مما يبرر إضطرارها لعقد إتفاقيات سلام، وتطبيع سياسي واقتصادي، وتسكين الجيوش وتخزين الأسلحة، وادخارها لقمع الشعوب والاستعراض في الاحتفالات.
السابع من أكتوبر المجيد ليس مجرد هبة أو ردة فعل قامت بها المقاومة الوطنية الفلسطينية في غزة، وإنما هي خطوة ضمن خطة محكمة ومتدرجة تهدف إلى :
إفشال خطة الاستيطان الصهيوني وإفقاد المستوطن الثقة بحكومته وقدرتها على حمايته.
كسر هيبة القدرة العسكرية للاحتلال، وتحفيز قوى المقاومة والشعوب العربية على السير بخطوات مشابهة.
إفشال مخططات التطبيع وإثبات عقم عملية السلام وزيف إدعاءات الاحتلال.
كشف حقيقة نوايا الكيان الصهيوني التوسعية، ووضع الأنظمة العربية أمام مفترق طرق وخيار الانتصار لعروبتهم وقضيتهم أو الإرتماء في حضن الدول الاستعمارية والكيان المصطنع.
إجتمعت القمة العربية بعد خمسة أسابيع من القتل والتدمير للإنسان والبنيان في غزة، وخرجت بأقل مما عهدته الشعوب عليها، ببيان لا يرتقي وكم الدماء المراق، وحجم المؤامرة المنسوجة على الأمة العربية جمعاء.
ما يقارب الستين دولة عربية وإسلامية بقدّها وقديدها، لم تتمكن من إدخال قطرة وقود للمستشفيات أو فك الحصار عنها وحمايتها.
لقد أسقطت المقاومة في غزة الكثير من الأقنعة ووضعت الجميع في مواجهة الحقيقة.
وأمام عجز الأنظمة وتخاذلها، وقفت الشعوب في حيرة من أمرها، بين الانتفاض والتمرد، وهذا له من المآلات ما لا يُحمد عُقباه، أوالاكتفاء بالتفاعل الكلامي والتمترس خلف الشاشات وانتظار الموت قهراً، وبين ابتكار وسائل، واتخاذ خطوات قدر المستطاع لدعم واسناد المقاومة.
لم تُفلح التحركات الشعبية في إحداث تغيير على المواقف الرسمية، فلجأت إلى وسيلة قديمة جديدة، ولكن بتشاركية وتفاعليّة أكبر بكثير من المرات الماضية، وهذه الوسيلة هي المقاطعة لمنتجات الشركات الداعمة للكيان الصهيوني.
عادة ما يتصدر حملات المقاطعة الفعاليات الشبابية أو الحزبية أو النقابية، لكن هذه المرة مختلفة تماما فالكل متفق دون خلاف، حتى أن أبناءنا وأطفالنا هم من يقودوننا ويصرون على ديمومة المقاطعة، بل زاد الوعي لديهم أن تعزيز المنتج الوطني يحرك عجلة الاقتصاد ويزيد الانتاجية مما يزيد من فرص التوظيف ويقلل نسبة التضخم.
إن صور أشلاء الأطفال ودوي صرخاتهم لا تزول من ذهن الجميع وحتى في أحلامهم، الأمر الذي لن يتلاشى بتقادم الزمن، وسيبقى محفزاً للشباب وينثر الوعي في عقولهم حول حقيقة الصراع العربي الصهيوني.
جميل هو هذا التوجه الشعبي إن حافظنا على استدامته، ووظفناه في تكاملية مشروع المقاومة، وجميل أكثر هذا التوافق العابر للأجيال، إن وازيناه بحملات ممنهجة لبث ثقافة شراء المنتج المحلي، وتحسين جودته، وأيضاً السير بمبادرات مُمَأسسة لجمع التبرعات لدعم صمود أهلنا في غزة وإعادة إعمارما هدمه الاحتلال.