صدى الشعب – سليمان أبو خرمة
أكد مدير مديرية الحراج في وزارة الزراعة المهندس خالد المناصير، أن حرائق الغابات في المملكة شهدت انخفاضًا كبيرًا خلال السنوات الأربع الماضية، بلغت نسبته نحو 60%، نتيجة حزمة من الإجراءات الوقائية وخطط الاستجابة التي تم تنفيذها بالتعاون مع الشركاء من مختلف الوزارات والمؤسسات.
وقال المناصير خلال حديثه لـ”صدى الشعب”، إن عدد الحرائق في الغابات والأراضي الحرجية قد تراجع بشكل واضح مقارنة بالسنوات الماضية، مشيرًا إلى أن المملكة سجلت خلال العام الحالي حتى تاريخه حريقًا واحدًا فقط، ومثله في العام الماضي، في حين كانت الأرقام أعلى بكثير في فترات سابقة.
وأوضح أن تقارير مديرية الحراج تختلف عن تلك الصادرة عن الدفاع المدني، إذ تُعنى الأخيرة بكل أنواع الحرائق بما فيها الأعشاب أو الحرائق بجوار المنازل، بينما تركز وزارة الزراعة على الحرائق في المناطق الحرجية فقط، سواء أكانت مملوكة للدولة أو للقطاع الخاص وتحتوي على غابات.
خطط استباقية ورفع جاهزية
وأشار المناصير إلى أن الوزارة، وبنهج استمر منذ نحو أربع سنوات، تبدأ التحضير لفصل الصيف في منتصف شهر نيسان من كل عام، عبر مخاطبة جميع الجهات المعنية بقطاع الغابات، مثل وزارة الداخلية ومديرية الأمن العام والإدارة الملكية لحماية البيئة، إضافة إلى الدفاع المدني، بهدف التنسيق والتعاون في رفع الجاهزية وسرعة الاستجابة والتوعية المجتمعية.
وبيّن أن وزارة الأشغال العامة ووزارة الإدارة المحلية كان لهما دور داعم من خلال ربط ضباط ارتباط في المحافظات مع مديريات الزراعة، للعمل على إزالة الأعشاب الجافة من جوانب الطرق والمناطق المجاورة للغابات، ما ساهم بشكل فعّال في تقليل أعداد الحرائق.
أسباب الحرائق عامل بشري
وأوضح أن الأسباب الرئيسية لحرائق الغابات في الأردن تتركز في نقطتين أساسيتين: الأولى، إهمال المتنزهين وترك بقايا الفحم أو الشواء مشتعلة، خصوصًا في المساء مع هبوب الرياح؛ والثانية، لجوء بعض أصحاب الأراضي الزراعية المجاورة للغابات إلى حرق الأعشاب للتخلص منها، ما يؤدي إلى انتقال النيران في حال وجود رياح قوية.
وأشار إلى أن محافظات مثل عمان، البلقاء، جرش وإربد لم تشهد هذا العام سوى حادثة واحدة فقط، مما يعكس فعالية الخطط المشتركة والوعي المتزايد لدى المواطنين.
الجاهزية الفنية والتكنولوجية
ولفت إلى أن الوزارة رفعت جاهزية محطات الحراج من خلال تفعيل شبكات الاتصال اللاسلكي، وتزويد الفرق الميدانية بمعدات خفيفة مثل التراكتورات التي تستطيع الوصول إلى أعماق الغابات، في حين أن آليات الدفاع المدني الضخمة تجد صعوبة في ذلك.
كما أشار إلى تعاون الوزارة مع المركز الوطني للأمن وإدارة الأزمات لتحديد الطرق المؤدية للغابات، بهدف تسهيل وصول الكوادر والآليات بشكل سريع وفعّال، إضافة إلى تدريب الكوادر على نظم الإنذار المبكر للحرائق باستخدام تقنيات حديثة بالتعاون مع منظمة الأغذية والزراعة (الفاو).
حرائق بفعل فاعل وصعوبة الإثبات
وأكد المناصير أن بعض الحرائق كانت بفعل فاعل، مثل حريق وديان الشام الذي وقع قبل عامين، مشيرًا إلى أن استخدام الذكاء الاصطناعي وتقنيات الاستشعار عن بُعد أثبت أن الحريق اندلع في ثلاث نقاط بفارق زمني لا يتجاوز دقيقة ونصف، ما يشير إلى عمل متعمد.
وأضاف أنه برغم التحقيق مع عدد من الأشخاص بالتعاون مع الأجهزة الأمنية، إلا أن الأدلة لم تكن كافية لإثبات التهمة، الأمر الذي أدى إلى إخلاء سبيلهم ووضعهم تحت المراقبة.
خسائر بيئية واقتصادية وإعادة تأهيل ناجحة
وتحدث عن الخسائر التي تسببت بها حرائق السنوات الماضية، مبينًا أن الغابات الأردنية تحتوي على أشجار معمّرة ذات قيمة بيئية واقتصادية عالية مثل السنديان، والخروب، والسماق، وأن أي ضرر بها يُعد خسارة وطنية.
وأشار إلى أن الوزارة عملت بالتعاون مع جهات دولية على إعادة تأهيل المناطق المحروقة، مثل ما حدث في منطقة وديان الشام، حيث بلغت نسبة نجاح إعادة التحريج نحو 70%.
وأشار إلى حريق وقع مؤخرًا في منطقة عنجرة – عجلون، نجم عن انتقال نيران من مزارع خاصة تزامنًا مع رياح قوية، ما أدى إلى احتراق نحو 220 دونمًا من الأراضي الحرجية.
دور المواطن أساسي والعقوبات رادعة
وأكد أن معظم الحرائق في الأردن ناتجة عن الإهمال البشري، وليس عن عوامل طبيعية كما يحدث في دول أخرى، موضحًا أن قانون الزراعة رقم 13 لعام 2015 المعدّل، ينص على عقوبات مشددة بحق المتسببين بحرائق متعمدة، تشمل الغرامات الكبيرة والسجن وتحمّل كلفة الإطفاء والأشجار المحترقة، لكن الإثبات يبقى من اختصاص القضاء وليس الوزارة.
وشدد على أهمية التزام المواطنين بعدم حرق الأعشاب واستخدام وسائل زراعية بديلة، والتأكد من إطفاء الفحم والحطب بعد الرحلات، مؤكدًا أن المواطن هو شريك رئيسي في حماية الثروة الحرجية، وأن الحفاظ على الغابات مسؤولية جماعية لحماية البيئة والاقتصاد والمستقبل.






