حنين نصار لـ (صدى الشعب) الأدب ليس مجرد فن بل هو وسيلة للتعبير والتغيير
صدى الشعب _أسيـل جمـال الطراونة
أكدت الروائية والشاعرة حنين نصار، أهمية الدور العميق الذي يلعبه الشعر والأدب في المجتمع، وهما ليسا مجرد أدوات فنية، بل يُعدّان قوة ثقافية قادرة على تشكيل وجدان الشعوب، والتعبير عن قضاياها، وتعزيز هويتها الوطنية .
وقالت نصار لـ “صدى الشعب” إن الشعر، باعتباره كلامًا موزوناً مقفى، يمتاز بإيقاعه الموسيقي ولغته العذبة، وهو أكثر من مجرد فن، إذ يعكس قضايا حياتية مختلفة، ويمثل فلسفة عميقة تميزه عن غيره من الفنون الأدبية، وبالتالي ، فهو قادر على التعبير عن هموم الشباب والمجتمع، حيث يشكل صوت الإنسان ، وصوت الحق، وصوت التاريخ والمستقبل .
وأشارت إلى أن الشعر يربط بين الماضي والحاضر ليواكب تطلعات الأجيال الجديدة، ويخاطب الذوق الإنساني، فيلامس المشاعر ويؤثر فيها، وإلا فإنه لا يُعد شعرًا حقيقيًا، كما أن الشعر يُجسد القضايا المجتمعية المتنوعة، فهو بمثابة سجل للأحداث، ومرآة تنعكس عليها تجارب الأفراد، مما يجعله وسيلة فعالةً لاكتساب المعرفة والخبرة، كما أن الشعر يساهم في تسليط الضوء على المشكلات الاجتماعية، كالبطالة والظلم والقهر، إذ يعبر عن إحباط الشباب أو آمالهم من خلال الإيقاع والصور البلاغية، مما يجعله أداةً مؤثرة للتغيير .
وضمن هذا السياق، تستشهد نصار بعدد من الأمثلة، مثل قصيدة إيليا أبو ماضي “كن بلسما “، التي تدعو إلى الإيجابية رغم ، صعوبات الحياة، وقصيدة محمود درويش – على هذه الأرض ما يستحق الحياة ” ، التي تُبرز قيمة الحرية والإيمان بها، وهكذا، فإن الشعر لا يقتصر على التعبير عن المشاعر فحسب، بل يمكن أن يكون أيضا مصدر إلهام للشباب، يشجعهم على النهوض بمجتمعاتهم، سواء بالتمرد على الواقع السلبي أو البحث عن الحلول الفعالة لمشكلاتهم .
إلى جانب تأثيره الاجتماعي توضح نصار أن الشعر والأدب يلعبان دورًا محوريًا – في تعزيز الهوية الوطنية، فهما لا يقتصران على كونهما شكلاً من أشكال الفن، بل يُعدّان قوة ثقافية تُشكّل الوعي الجمعي، وتحافظ على الإرث الحضاري في مواجهة التحديات المختلفة.
وتشير نصار إلى أن الأدب يعكس تاريخ الأمة وتراثها وقيمها ، كما يرسخ مشاعر الانتماء والفخر بالوطن، فالقصائد الوطنية، على سبيل المثال، تلهب المشاعر القومية وتعزز حب الوطن في نفوس الأفراد، بالإضافة إلى أنها تسلط الضوء على قيم المجتمع وتقاليده، مما يجعل الأفراد أكثر ارتباطاً بجذورهم الثقافية .
وفي هذا الإطار، توضح نصار أن الشعر لعب دورًا كبيرًا في مقاومة الاحتلال والاستبداد، إذ كان أداةً نضالية تُعبّر عن الحقوق المسلوبة، وتحث على التمسك بالحرية والاستقلال، كما أنه يُلهم الشباب ليكونوا أكثر وعيًا بمسؤولياتهم تجاه وطنهم، فيدفعهم إلى العمل من أجل نهضته .
لم يقتصر حديث نصار على الدور الاجتماعي والوطني للشعر، بل أكدت أيضًا أهميته في تحسين الصحة النفسية، حيث أوضحت أن الكتابة، سواء كانت شعرًا أو نثراً، تُعدّ وسيلة فعالة للتعامل مع المشاعر والضغوط الحياتية، إذ تساعد في تحقيق التوازن النفسي، لأنها تمنح الإنسان القدرة على التعبير بحرية عن أفكاره وعواطفه .
وأضافت نصار، أن الشعر، بفضل طابعه العاطفي والموسيقي، يمكن الأفراد من تفريغ مشاعرهم العميقة، سواء كانت فرحاً أو حزناً أو غضبًا، مما يخفف من حدة التوتر والقلق، ومن ناحية أخرى، فإن الكتابة الإبداعية، ككتابة اليوميات أو الشعر، تساهم في تقليل مستويات الاكتئاب عبر تحرير المشاعر المكبوتة، مما يساعد في تهدئة العقل وإعادة التوازن النفسي، إضافة إلى ذلك، تؤكد نصار أن الإبداع الأدبي يمنح الشعور بالإنجاز، مما يعزز الثقة بالنفس.
وتختم نصار حديثها، بالقول إن نشر الكتابات أو مشاركتها مع الآخرين يخلق إحساسًا بالانتماء والتواصل، مما ينعكس إيجابيًا على الصحة النفسية، وكذلك تساعد الكتابة الإنسان على إعادة تأطير تجاربه الصعبة، ومنحها معنى إيجابيًا، مما يمكنه من التعامل مع مشكلات الحياة بطريقة أكثر نضجًا ووعيًا، حيث أن الشعر والأدب ليسا مجرد أدوات فنية، بل هما صوت المجتمع ووسيلة للتغيير والتأثير، وهما يشكلان رابطًا متينا بين الأفراد وهويتهم الوطنية، ويسهمان بتحسين الصحة النفسية عبر التعبير عن المشاعر وتعزيز الوعي العاطفي، ولذلك، يبقى الشعر والأدب جزءًا أساسيًا من الثقافة الإنسانية، قادرًا على ملامسة الوجدان وإحداث التحولات العميقة في الأفراد والمجتمعات .