عبدالرحمن البلاونه
يرى المتتبع للظواهر الاجتماعية التي تطفو في المجتمع، أن هناك العديد من الدلائل التي تشير إلى الانحدار السريع والواضح في منظومة الأخلاق، على مستويات متعددة، وعلى الرغم من قساوة هذه الحقيقة، فإنه لا يمكن لأحد انكارها، فالارتفاع بأعداد حالات الطلاق بغض النظر عن أسبابها، وزنى المحارم وتداعياته، والاغتصاب، والقتل، ومجهولي النسب، وتجارة المخدرات وتعاطيها، والرشوة والفساد المالي والإداري، وصناديق التمويل، وما يترتب عليها من سجن النساء، وتشتيت أسرهن، والنفاق الاجتماعي، والشللية والمناطقية والجهوية الضيقة المقيتة، وقضايا النصب والاحتيال، والسرقة، والجرائم الالكترونية، وخيانة المجالس، والتجسس، وحتى مخالفة قواعد المرور التي تتسبب بحوادث السير القاتلة .
ويؤكد ذلك التقارير السنوية لديوان المحاسبة، وسجلات المحاكم الشرعية، ومحاكم الصلح والبداية، وكذلك محاولات البعض بالعبث بالمناهج الدراسية التي يتم تدريسها لأطفالنا بالمدارس، وأمام كل ذلك لا بد من قرع الجرس، وإعادة النظر، وبذل الجهود لوقف هذا الانحدار الأخلاقي، والحد منه بشتى الطرق، رغم صعوبة هذا الموضوع، خاصة وأن هناك من هم مستفيدون من هذه القضايا، ولا سيما الجمعيات والجهات التي تنفذ أجندات وتطبق اتفاقيات ومعاهدات، وتقدم الدعم وتساعد على هدم الأسرة، وإشاعة الفاحشة والرذيلة وتفرض علينا ما لا يتناسب مع ديننا وعاداتنا وقيمنا واخلاقنا.
ويمكن أن نشير إلى أن لهذه الظواهر أسباب غذتها مجموعة من العوامل، ومنها الفقر والبطالة، وانخفاض رواتب الموظفين، التي لا تكفيهم لثلث الشهر، وتوفر شبكة الانترنت والأجهزة الخلوية بين أفراد المجتمع بمختلف الأعمار، ما يتيح لهم الدخول إلى مواقع لا أخلاقية، وما تعرضه بعض المحطات الفضائية من مسلسلات تزين الرذيلة، والفسوق في عيون الشباب، وإقامة علاقة غير شرعية خارج إطار الزوجية وكأنه أمر طبيعي، والترويج للمثلية الجنسية، إضافة للإيحاءات الجنسية والألفاظ البذيئة والمشاهد الساخنة والشذوذ، وتعاطي المخدرات، وكذلك لم تعد مدارسنا وجامعاتنا آمنة بالشكل الذي نريد.
ويمكننا القول، أن ضعف الوازع الديني، وغياب التربية الأسرية، والتفكك الأسري، والأوضاع الاقتصادية، هي الأسباب الرئيسة لهذه الظواهر، والتي تدفع البعض للقيام بأفعال لا تمت لديننا وعاداتنا وأخلاقنا الإسلامية بصلة.
وأمام كل ذلك، يجب علينا أن لا نسمح لأحد بالعبث بمجتمعنا تحت أي ذريعة، وعلينا أن نتكاتف ونعترف بأن لدينا انحدار أخلاقي، ولدينا مشكلات متعددة، ولا بد من إيجاد الحلول للحفاظ على الأجيال القادمة من الضياع، قبل أن نصل إلى مراحل متقدمة يستحيل علاجها، وعلينا فتح الجراح وتنظيفها، أمام الملأ، وهذا لا يُنقص من قيمتنا، بدلاً من اخفائها وتعفنها، وبعدها سنضطر إلى استئصال الأعضاء المصابة بعملية معقدة تكلفنا ثمناً باهضاً.