نعم، ستكون السنة القادمة صعبة اقتصاديّاً من عدة نواحٍ، فتجاوز 2020 لم يكن سهلاً دون المساعدات الخارجيّة التي حصلت عليها الخزينة جنباً إلى جنب مع ضبط الإنفاق بشكل كبير، ومع ذلك من المرجح ان يبلغ عجز الموازنة النهائي بعد المنح ما يقارب الـ2.25 مليار دينار.
لكن سنة 2021 ستكون مختلفة لأن تداعيات “كورونا” التي حدثت هذا العام ستصب في الاقتصاد الأردنيّ في العام المقبل بشكل واضح، حتى الإيجابيّات التي تحققت في بعض القطاعات والمجالات لن تتمكن الحكومة من المحافظة عليها بنفس الوتيرة، فمبادرة صندوق همة وطن الذي جمع تبرعات بقيمة 100 مليون دينار كان لها دور كبير في المساعدة ودعم المتعثرين من جائحة كورونا، في حين ستواجه الحكومة مأزقا وصعوبة في إعادة إحياء المبادرة من جديد في المرحلة المقبلة.
حتى الأداء الضريبيّ المتميز في العام 2020، والذي تمثل في نموّ استثنائي للتحصيلات الضريبيّة بسبب مكافحة التهرّب الضريبيّ بالدرجة الأولى، وتزايد قاعدة المكلفين ناهيك عن أن الضريبة المستحقة هذا العام فيما يتعلق بالدخل هي محصلة أعمال 2019، وبالتالي قد يكون الإصلاح الضريبيّ الذي حدث إيجابيا لجميع هذه الموشرات إن جاز لنا التعبير في العام المقبل، فالتهرّب الضريبيّ لن يكون بنفس الوتيرة السابقة من جهة، والتراجع في أرباح الشركات والتي بدأت واضحة في ميزانيات الربع الثالث للشركات والتي أظهرت هبوطاً في أرباحها بنسبة كبيرة وصلت في بعض القطاعات المهمة والإستراتيجية إلى ما يقارب الـ68 بالمائة، لذلك من المرجح حسب مصادر مطلعة أن تتراجع إيرادات ضريبة الدخل في العام 2021 بما لا يقل عن 300 مليون دينار.
حتى النموّ الحاصل في بعض القطاعات الاقتصاديّة مثل بعض الصناعات فإن استدامته ستكون صعبة في العام المقبل نتيجة عوامل عديدة منها حالة الإشباع في بعض المنتجات، والإجراءات الوقائية المتخذة من العديد من الدول بوجه الصادرات بشكل عام، وهو ما قد يضعف صادراتنا الوطنيّة.
لكن تبقى تحديات الخزينة هي الأكثر خطورة من ناحية النفقات، إذ هناك مخصصات كبيرة على الخزينة التي ستواجه حتماً نقصا كبيرا، ليس في الإيرادات الضريبيّة فقط، وإنما أيضا في بند الإيرادات غير الضريبيّة التي من المرجح أن تتراجع هذا العام عن المقدّر بما يقارب المليار دينار، وسيستمر هذا التراجع بنسب متفاوتة خاصة من عدم وضوح التوقيت النهائي لمطعوم الكورونا، ما يعني أنه سيكون أيضا هناك صعوبات كبيرة في بناء تصورات وفرضيات ماليّة للعام المقبل.
التحديات السابقة تلقي بظلال قاتمة على الجهود الحكوميّة في إعداد موازنة 2021، والتي يقتضي المنطق أن يتم إعدادها ضمن إستراتيجية التحوط الكامل، وعدم رفع أيّ توقعات في المستقبل لأي مؤشر كان، وإعداد موازنة رشيدة وحصيفة تخلو من أيّ مظاهر إنفاقية لا تحقق أيّ قيمة مضافة للاقتصاد الوطنيّ، وهذا ما قد يتطلب من الجهات الحكوميّة الخروج من الصندوق والتفكير بشكل غير تقليدي في بناء تصورات ماليّة حصيفة وواقعية لسنة 2021.