صدى الشعب – أسيـل جمـال الطـراونـة
صادف يوم الجمعة العاشر من تشرين الأول اليوم العالمي للصحة النفسية، وهي مناسبة تهدف إلى رفع الوعي بأهمية الصحة النفسية وتعزيز الاهتمام بالرفاه النفسي كجزء أساسي من صحة الإنسان العامة.
وفي هذا السياق، قال الدكتور جميل أبو طربوش، المتخصص في علم النفس الإكلينيكي، إن ما ينقص الأردن في مجال الصحة النفسية هو الثقافة النفسية المجتمعية، موضحًا أن العادات والتقاليد، إلى جانب الوصمة الاجتماعية، تحد من إمكانية تلقي الأفراد للخدمات النفسية التي يحتاجونها.
وأضاف أن الوصمة الاجتماعية تُعد من أبرز التحديات التي تواجه المجتمع، فضلًا عن نقص التوجيه والوعي بأهمية الاستفادة من الخدمات النفسية، إلى جانب محدودية التأمين الصحي الذي يجعلها عبئًا ماليًا على العديد من المحتاجين إليها.
وختم الدكتور أبو طربوش حديثه برسالة لزملائه قال فيها معاً لنشر الوعي والثقافة النفسية في المجتمع من أجل صحة نفسية أرقى وأفضل يتمتع بها مجتمعنا.
من جهته، شدد الدكتور حذيفة رحاحلة، اختصاصي علم النفس الإكلينيكي، على ضرورة بناء استراتيجية وطنية شاملة للصحة النفسية في الأردن، تواكب ما وصلت إليه الدول المتقدمة في هذا المجال.
وأوضح أن هذه الاستراتيجية يجب أن ترتكز على تطوير الخدمات النفسية الشاملة الوقائية والعلاجية والتأهيلية وتعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، والاستثمار في الكفاءات الوطنية، إلى جانب دعم الرفاهية النفسية للموظفين.
وأشار إلى أهمية توفير خدمات الصحة النفسية في مراكز الرعاية الأولية، وتطوير نظم المعلومات الصحية، ودعم البحث العلمي، بما يسهم في رفع مستوى الخدمات لتتوافق مع المعايير العالمية وخلق بيئة عمل إيجابية وصحية تسهم في تحقيق رؤية الدولة نحو جودة الحياة وإنشاء مجتمع سوي يتمتع بصحة نفسية عالية.
أما الأخصائية النفسية الدكتورة حنين البطوش، فعبرت عن رؤيتها بأسلوب واقعي وإنساني قائلة:
“خلينا نكون صريحين… الصحة النفسية مش لعبة، ومش كفاية نحكي عنها مرة بالسنة، الحلول موجودة بس محتاجين نطبقها بحياتنا اليومية.”
وأكدت على ضرورة نشر التثقيف النفسي من المدارس إلى الجامعات وكل المؤسسات الاجتماعية، حتى يدرك الأفراد أن مشاعرهم طبيعية ولا داعي للخوف من الحديث عنها.
كما شددت البطوش على أهمية كسر وصمة العار المجتمعية من خلال الإعلام والمبادرات الشبابية التي تتيح مساحة للتعبير، مؤكدة أن الوقاية أهم من العلاج، وأن الاهتمام بالرياضة والأنشطة الجماعية وتعلم مهارات التعامل مع الضغط النفسي خطوات بسيطة لكنها تصنع فرقًا كبيرًا.
بدوره، قال الدكتور حسين الطراونة، مستشار علم النفس الإرشادي، إن الأردن يحتفل سنويًا باليوم العالمي للصحة النفسية الذي جاء هذا العام تحت شعار “الصحة النفسية حق للجميع معًا نصنع بيئات آمنة وداعمة في الأردن “بمشاركة نخبة من الأكاديميين والخبراء والمهتمين في المجالات النفسية والصحية والتربوية.
وأكد الطراونة على أهمية الاستثمار في الصحة النفسية بوصفها ركيزة أساسية لتعزيز جودة الحياة والتنمية المجتمعية، مشيرًا إلى أبرز التحديات التي تواجه قطاع الإرشاد النفسي في الأردن مثل تطوير الخدمات النفسية، والإرشاد في عصر الرقمنة، والعلاج النفسي في أوقات الكوارث.
وأضاف أن الصحة النفسية لا تقل أهمية عن الصحة الجسدية، وأن تعزيز الدعم النفسي والاجتماعي حق أساسي لكل فرد”، مشددًا على أن “مواجهة التحديات تتطلب شراكة حقيقية بين جميع القطاعات الرسمية والمجتمعية.
كما أشار إلى أهمية التركيز على الرعاية النفسية للأمهات والأطفال، خاصة في أوقات الطوارئ، داعيًا إلى إجراء دراسات متعمقة حول مشكلات مثل تعاطي المخدرات ودوافعها، وإنشاء مراكز شاملة تعنى بذوي الإعاقة وتقدم الدعم للأسر لتخفيف العبء المالي والنفسي عنها.
ومن جانبها، أكدت الدكتورة أمل الكردي، استشارية العلاج النفسي والسلوكي، أن الأردن يُعد من الدول المتقدمة في المجال النفسي من حيث التطور والخبرة، إلا أنه يواجه تحديًا في قلة عدد الأخصائيين النفسيين قياسًا بعدد السكان، ما يؤدي إلى ضغط كبير على مراكز الصحة النفسية التابعة لوزارة الصحة.
وأوضحت الكردي أن هذا الضغط يؤثر أحيانًا على دقة التشخيص وجودة المتابعة، داعية إلى تعزيز التكامل بين الطبيب النفسي والمعالج النفسي لتحقيق نتائج أفضل.
وأضافت من الضروري أن لا يقتصر الاهتمام على علاج الاضطراب بعد حدوثه، بل أن يمتد إلى الوقاية والرعاية النفسية قبل ظهور الأعراض.
واختتمت الكردي برسالة موجهة للعالم قالت فيها
على الإنسان أن يركز على نفسه وتطوير ذاته أينما كان ومهما كانت ظروفه. جزء من تطوير الذات هو شغل أوقات الفراغ، وممارسة الهوايات، وبناء مسار مهني واضح يكون ركيزة أساسية في حياته.






