ظلت الحكومات المتعاقبة حائرة في شأن قيادة ومرجعية ملف الاستثمار, وظلت الأقدار تتخاطفه فمرة وزارة ومرة بلا, وثالثة الأسود والأبيض..
فعلا محير أمر الحكومات فهي لم تستقر بعد على إجابة واحدة واستراتيجية.. أي شكل لإدارة ملف الاستثمار تريد؟ هناك توافق وقناعة بأن األردن بحاجة لالستثمار وهو الطريق الوحيد لرفع معدل النمو الاقتصادي وخلق فرص عمل.. لكنه ظل »كالم ال يفارق الحناجر« فهذه هي الأقوال لكن في الأفعال شيء آخر! كان يجدر عدم التضحية بوزارة الاستثمار منذ البداية وكنا قد اعتبرناها تقدمية، الغرض منها منح الاستثمار أهمية وخصوصية وأكثر من ذلك جدية وتصميمًا لتجاوز المعيقات وهي من صنع الوزارات المنافسة.
وفي الاستثمار حدث ولا حرج فالوضع الراهن ليس مقبوًال ليس فقط لانه طارد للاستثمار، بل لانه عدو الاستثمار وللمستثمرين الأردنيين والعرب والاجانب وعندما أقول مستثمر فأنا أقصد صاحب البقالة الصغيرة والمول والمصنع الصغير والكبير على حد سواء..
هل من المعقول أن ٥٢ وزارة ومؤسسة تحشر أنفها في قرار الاستثمار، وهل من المقبول أن يدار الاستثمار بـ ٤٤ قانونًا وأكثر من ١٨٨٠ نظامًا وتعليمات.! هل سيكون هناك تشريع واحد للاستثمار وهناك دار خبرة دولية تبدأ بالمراجعة وستقترح صيغة في حال اعتمادها ستغير وجه الأردن الاستثماري.
مشاكل ومعيقات الاستثمار باتت معروفة لكن الحلول هي التي كانت غائبة وهذه الحكومة وضعت يدها على الجرح ولو قيض لها أن تعالجه فسيبرأ! ولطالما كانت المشكلة في التطبيق ما يجعل البلد غير جاذب للاستثمار والسبب ليس في القوانين بل في التكاليف والطاقة في مقدمتها ثم العمالة والأخيرة هي عقدة العقد..
ما يحتاج إليه الأردن هو نماذج ناجحة والمستثمر هو أهم مروج للاستثمار ومحفز له عندما يروي قصص نجاحه بدلا من أن يعدد العراقيل والمآسي التي يتعرض لها من بعض الموظفين ممن يعتقدون أنهم عباقرة!
أخيرًا, المشكلة ليست في القوانين، حتى أكثر القوانين عصرية ال تفيد إن وجدت موظفًا بارعًا في ابتكار العراقيل..