لا نستعدي الحكومة ولا نمدحها

لن يكون عمر الحكومة المقبلة، قصيرا، فهي حكومة ستبقى طويلا، سواء وقفت امام البرلمان المقبل، قريبا، او في وقت متأخر، وهي حكومة قابلة للتعديل، أيضا، وللبقاء فترة طويلة.
السبب في ذلك يعود الى طبيعة الازمات التي ورثتها عن سابقاتها، فهي أزمات لم تصنعها مباشرة، اذ ان بعضا منها كان موروثا عن حكومات سابقة، وبعضها كان بسبب أخطاء حكومات، وبعضها الاخر بسبب ظروف دول الإقليم، والأزمات التي تم تصديرها، وهناك أزمات بسبب مستجدات، مثل وباء كورونا، وما تركه من اثر صحي واقتصادي واجتماعي.
هذه ليست مطالعة لتبرئة الحكومة الجديدة، مسبقا، حيث ان الملفات التي امامها بحاجة الى حل جذري، خصوصا، على صعيد ملفي كورونا، والوضع الاقتصادي، والملفان ذاتهما يضربان دولا عربية واجنبية مثل عاصفة لا ترحم، لكن الركون الى قصة الوباء لتبرير كل شيء، فخ ننصح الحكومة بعدم الوقوع فيه، اذ اننا بحاجة الى حلول تؤدي الى خروج البلد من متلازمة كورونا، ومحاولة انعاشها وتنشيطها، ورد الروح اليها على اصعدة كثيرة.
طبيعة الازمتين الصحية والاقتصادية، طبيعة لا ترحم أي طرف، ولذلك يبدو مطلوبا منذ البداية التنبه لهذا الجانب، خصوصا، ونحن نعبر الربع الأخير من العالم حيث تتعمق الازمتان الصحية والاقتصادية في دول كثيرة في العالم، ولا تستثني الا الدول القوية جدا.
الذي حدث خلال ستة شهور من عمر الحكومة الماضية ان الوباء جاء مباغتا، وكان الانشغال به في اعلى درجاته، مما أدى الى تعطيل كل شيء، والمنتظر اليوم، ان تتمكن الحكومة الجديدة من فك نفسها مسبقا من أسر الوباء، وتأثيره الداخلي، مع معرفتنا بأن ضغط الوباء، وإجراءات الحظر، واغلاق المدارس والجامعات، وتعطل القطاع التجاري على مدى يومين قابلين للتمديد، وضع يفرض شروطه على أي حكومة، مما يجعل الحكومة الجديدة امام مهمة الانفكاك من هذا الوضع، واستعادة الحياة الطبيعية قدر الإمكان، اذا استطاعت ذلك.
غير ان لجوء الحكومة الى تخفيف الاثقال التي نجمت عن قرارات الحكومة السابقة، يجب ان يتجنب معيار رفع الشعبية، لان بعض القرارات التي اتخذتها الحكومة السابقة، وتحديدا على مستوى ازمة كورونا وتداعياتها، لن يكون ممكنا التراجع عنها، فيما ينتظر الناس، وصفة مختلفة لكل الوضع الداخلي، لا تبنى على أساس الفروقات بين حكومتين، بقدر ان يكون عنوانها بدء مرحلة جديدة، نقاوم فيه التراجعات على مستويات مختلفة، وهذا يعني ان الأيام الأولى على مستوى أداء الحكومة وعلاقتها بلجنة الازمة، ستكون حاسمة بشأن سمعتها، والطريقة التي سينظر فيها الأردنيون اليها، عبر تقييمات مختلفة.
تأتي الحكومة في توقيت صعب جدا، لم تر مثله أي حكومة سابقة، اذ ان الحكومات السابقة، تفجرت المشاكل في وجهها بغتة، او من صنع يديها، فيما هذه الحكومة تأتي والبلد يضغط على خاصرته، اكثر من ملف، ولهذا فإن حساسية الوقت والتوقيت من جهة، وما ينتظره الناس من جهة ثانية، والقرارات الموروثة التي ستكتشف الحكومة الجديدة انها ستتبناها لاعتبارات كثيرة، وقلة الخيارات سيجعل خطة تلطيف الحياة، خطة صعبة، نتمنى كلنا ان تنجح هذه الحكومة في وضع تفاصيلها، بطريقة منطقية وسريعة.
لكل ما سبق لن نستعجل في استعداء الحكومة، او مديحها، فهذه ليست مهمتنا، وكل ما ننتظره فقط، برنامجا مختلفا، يفك اسرنا من وباء كورونا، ويعيد اخراج البلد من هذه الدائرة الثقيلة والضيقة، ويسترد الامل في نفوس الناس، ويجعلنا نشعر ان هناك مخرجا للنجاة في هذا الظرف، الذي لا يعد سهلا، بكل المعايير والصور والدلالات.

أخبار أخرى