هناك إقبال واضح على الترشح للانتخابات، وزيادة ملحوظة في أعداد المرشحين والقوائم مقارنة مع انتخابات 2016. حيث سجلت 295 قائمة لخوض الانتخابات، تضم في عضويتها 1717 مرشحا بينهم 332 حزبيا و369 سيدة.
الاقبال على الترشح يعكس طموحا فرديا في النيابة، وبالنسبة للأحزاب هي فرصة لإثبات الذات، وتأكيد الحضور، إضافة إلى ما يترتب على المشاركة الحزبية من مكاسب مالية تحصل عليها الأحزاب كحوافز مقابل المشاركة.
النظام الانتخابي إذا ليس عائقا أمام مشاركة جميع الأطياف كما كان يدعي بعضهم، لكن العقدة الانتخابية في الأردن تتمثل في استقرار وثبات نسب المشاركة في الاقتراع بغض النظر عن طبيعة النظام الانتخابي وأعداد المرشحين.
ويتجلى ذلك عند ظهور النتائج، حيث يحصل عشرات المرشحين والقوائم على نسب متواضعة جدا من الأصوات، تعكس غياب الحضور الانتخابي لهؤلاء المرشحين.
ومرة أخرى تتبدى أزمة الحياة السياسية المستعصية على الحل، إذ يهيمن المستقلون على تركيبة المجالس النيابية، وينحصر التمثيل السياسي الفاعل بحزب سياسي واحد، يأخذ موقع المعارضة في البرلمان.
في هذه الدورة الانتخابية تختبر مختلف أطياف المشهد الحزبي حضورها؛ الوسط واليسار وبالطبع حزب جبهة العمل الاسلامي الذي يشارك بقوائم في مختلف الدوائر الانتخابية، إلى جانب تيارات سياسية شكلت علامة فارقة في الانتخابات السابقة لعل أبرزها قائمة”معا” في دائرة عمان الثالثة.
وتظهر النساء الأردنيات من جانبهن رغبة عظيمة بالمشاركة في الحياة السياسية، لكن في غياب الحواضن السياسية التي تبدي اهتماما بمشاركة النساء، تدور معركة النساء في خانات اجتماعية ضيقة لاتفضي في المحصلة لوصول القديرات دائما باستثناء حالات محدودة من سيدات مستقلات أو المنتميات للحركة الاسلامية.
وفي الجولات الانتخابية الأخيرة تمكنا من تجاوز عقدة المشاركة الشبابية، فالبرلمان السابق مثلا حمل وجوها شابة ومقتدرة، والمرجح أن الانتخابات الحالية ستفرز أيضا اسماء جديدة وقديمة شبابية.
لكن الاقبال على الترشح للانتخابات في ظل حضور حزبي قليل، يحمل في طياته عواقب إغراق الساحة باعداد كبيرة من المرشحين على حساب النوعية، ما يؤدي إلى تشتيت الأصوات وتراجع فرص فوز أصحاب الكفاءة. ويظهر ذلك بوضوح في دوائر كثيرة تشهد ترشح عدة مرشحين من عشيرة واحدة، وتنافس قوائم تمثل لونا فكريا وسياسيا متقاربا في نفس الدائرة.
وتلك من علامات الفوضى في الحياة السياسية، وغياب المرجعيات الاجتماعية الوازنة في الدوائر العشائرية، والطموح الشخصي في النيابة لاعتبارات الوجاهة وتحقيق المصالح.
وسنرى أثر ذلك في تركيبة المجلس حيث الكتل الهلامية والرخوة، وسيطرة الفردية والحسابات الخاصة، والعلاقة الملتبسة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
ربما يكون المبكر البحث حاليا في تركيبة مجلس النواب المقبل، والحاجة لمقاربة جديدة لدوره في الحياة السياسية بالاستناد إلى تجربتنا مع المجلس السابق. المهم في هذه المرحلة هو تحفيز أوسع شريحة من الناخبين للمشاركة في الانتخابات، وتوجيه المقترعين لاختيار نوابهم وفق معايير المصلحة العامة.
لكن بعد هذه الجولة الانتخابية، ثمة حاجة لوقفة معمقة لمراجعة العملية برمتها واستخلاص الدروس، لأننا في مواجهة خطر إفلاس النخبة السياسية الأردنية.