نورالدين نديم
سؤال يتكرر كثيراً هذه الأيام، وخاصةً مع جولات ممثلي الأحزاب في المحافظات ومحاولاتهم لاستقطاب المواطنين.
فهل يحق للموظف العام، أن ينتسب للأحزاب، مهما كان موقعه ومسماه الوظيفي، فإن كان أميناً عاماً لوزارة ما، أو مديرًا لدائرة، أو حتى رئيساً للهيئة المستقلة للانتخابات…؟!
فهل من المتوقع حال إنتمائه لحزب معين، أن ينحاز لحزبه ولزملائه من منتسبي الحزب، وهل يسمح له أن يروج لأفكار حزبه ضمن دائرته، أو إستغلال أثره الوظيفي في جذب واستقطاب الموظفين في دائرة عمله.
شاهدنا قبل أيام، مدير إحدى المؤسسات التعليمية يحضر مع زملاء له من كادر المدرسة لقاءً استقطابياً لحزب، فهل هذا متوافق مع القانون، وحيادية التعامل، خاصةً أن ذات الشخص قد يصبح في قادم الأيام مسؤولاً للجنة انتخابية في التصويت والفرز..؟! فهل سيحاسب إن تم إثبات استغلال موقعه في التأثير على الموظفين في دائرته، وهل يوجد نص في القانون يجرم ذلك، أو يحول دون الوقوع في هذا الخطأ.
يضمن قانون الأحزاب الأردني رقم (32) لسنة 2015 الحق لجميع المواطنين الأردنيين دون استثناء بالانضمام إلى الأحزاب السياسيّة بكامل حرّيتهم، سواء أكانوا موظفي قطاع عام أم خاص باستثناء منتسبي الأجهزة الأمنية والجيش والقضاء، لكنّ ذات القانون يلزم الموظف الحكومي بأخلاقيات العمل وقواعد السلوك المهني الخاص بوظيفته.
فالقانون يمنع الموظف الحكومي من استغلال وظيفته لتحقيق مصالح شخصية، أو مآرب فئوية أو مناطقية، ويقاس عليها أي غايات يستغل لتحقيقها موقعه وسلطته للترويج وخدمة حزبه السياسي الذي ينتمي إليه أو أي حزب آخر.
ويترتب على ذلك منعه قانونياً من ممارسة النشاطات السياسية خلال ساعات العمل أو استخدام وسائل وأدوات وموارد الحكومة لأي غاية خارج السياق الذي وجدت لأجله.
يفترض أن يكون الموظف الحكومي ملتزم بالقسم الذي أقسمه على كتاب الله، أن يؤدي الأمانة التي إئتمنه الوطن عليها، أيّاً كان موقعه ومهما كانت مهمته، فالالتزام بقوانين العمل وعدم الكشف عن أي معلومات حكومية سرية أو استخدامها لتحقيق مصالح شخصية، ومن ضمنها الحزبية طبعاً، هو استحقاق للقسم الذي التزم طوعاً به، لأن أي مخالفة لذلك يعتبر خيانة للأمانة تمس بأمن المعلومة وتخدش الاستقرار العام، وتتعارض مع المصالح العليا للدولة.
الموظف الحكومي، خارج أوقات دوامه مواطن كأي مواطن، له كافة الحقوق والحرية في ممارسة نشاطاته والتعبير عن آرائه واتجاهه الفكري، بما ينسجم ونصوص الدستور والقانون، وله أن يكون عضوًا في الحزب السياسي الذي يختار، ولكنه أيضاً ملزم قانونياً وأخلاقياً بقواعد العمل العام وآدابه المنظمة لحيادية الأداء ومهنية العمل.
أما العاملين في السلك العسكري والأجهزة الأمنية بالإضافة إلى القضاة فلا ينطبق عليهم ما سبق، ويمنع انضمامهم للأحزاب، وذلك لسبب منطقي، وحاجة وطنية عليا، وهي الحرص على حيادية هذه القطاعات الحساسة ومنع أي محاولة لتسيسها، وذلك موضع إجماع وطني، لا خلاف عليه أو فيه.