صدى الشعب – كتبت نيفين العياصرة
في جرش لم يعد المحافظ مجرد صورة على الحائط أو توقيع على كتاب رسمي، منذ أن وصل الدكتور مالك خريسات إلى مكتبه قرر أن المكتب ليس سوى محطة مرور،ة وأن الحقيقية تكتب في الأزقة وبين الناس وتحت شمس الميدان.
أول مشهد في كتاب إدارته كان حاسما قبل أن يفرح طلاب التوجيهي بنتائجهم، قطع الطريق على رصاص الفرح الذي يحول الأفراح إلى جنازات، تعميم واضح: “إطلاق النار جريمة والمخالف سيقف أمام القضاء”،لا تهديدات فضفاضة أنما وعد بالقانون وتنفيذ على الأرض.
المشهد الثاني صباح الاثنين، قرية هادئة، مركز صحي يبدو مغلقا من الداخل رغم أن الأبواب مفتوحة، يدخل المحافظ يبحث عن الأطباء والممرضين، فلا يجد إلا عاملي نظافة وموظفة حاسوب! في لحظة الصدمة يتحول المشهد من صمت البلدة إلى صوت اتصال مباشر بوزير الصحة: “الوضع لا يحتمل، والمحاسبة فورية”.
هكذا يدير خريسات المشهد، لا ينتظر التقارير ولا يقرأ الأعذار، إنما يقرأ الواقع بعينه ويتصرف في اللحظة نفسها، يعرف أن القانون منحه السلطة لكنه يختار أن يمنحه الميدان الروح وأن يمنحه المواطن المعنى.
جرش اليوم لا تدار من الطابق الرابع إنما من الطرقات والمراكز الصحية ومكاتب الخدمات ومن قلب كل مكان تصل إليه خطوات المحافظ، إنها إدارة بوصفتها البسيطة الميدان هو المكتب، والمواطن هو العنوان والميدان لمن يحب الوطن.






