صدى الشعب – إزدادت في الاونة الأخيرة عبارات التهكم والسخرية على صفحات التواصل الاجتماعي من أي حدث يمر به البلد (آخرها حادثة صهريج النضح) وأصبحت البوستات وتركيب الصور ومقاطع الفيديو هي طريقة التعبير الأشهر عن ما يعانيه الناس من إحباط واحتقان.
في السابق كان السياسيون والمسؤولون هم المستهدفون بالقسط الأكبر من التهكم، كونهم يصنعون القرار، وكونهم جاذبين بحكم مواقعهم كأشخاص عامين، لكن في الآونة الأخيرة إزدادت وتيرة السخرية وأصبح اي شخص يحدث عنده حادثة يتعرض لنفس السخرية والتهكم لا بل تعداه الى التشكيك في أصل القضية ورسم سيناريوهات -جزء منها غير حقيقي-.
المشهورون بهذا الأسلوب الساخر في التعبير عن الإحباط والاحتقان هم المصريون، عكس الأردنيين.
– وبحكم الموروث الثقافي -لا يميلون إلى السخرية والنكات أو حتى الضحك لاعتقاد مفاده “أن كثر الضحك يقلل الهيبة”.
لكن البطالة والوضع الاقتصادي الصعب وزيادة الاسعار وارتفاع الوقود بشكل متكرر وعدم السماع والاستماع الى أراء الناس – حتى اراء الكُتاب والصحفيين- ذهب بالجميع الى التخلي عن “الكشره” والذهاب نحو مواقع التواصل للتعبير بسخرية عن هذه الاحباطات.
عندما تجلس مع مسؤولين حاليين ترى حجم الغضب والانتقاد لهذه الممارسات – ولا ألومهم في بعض النواحي -، لكن الغريب ان هؤلاء عندما يخرجون من مواقعهم يتحولون أيضاً الى نفس الأسلوب ..!!! حيث ترى وزارء ومسؤولين سابقين يكتبون على صفحاتهم في مواقع التواصل عبارات سخرية واستهزاء وانتقاد -بعضه جارح -.
لا أُنكر ان هناك كلاما جارحا، ولا أُنكر انه يوجد إساءات و كلام بذيء، كما لا أُنكر حجم الانحدار في بعض التعليقات التي استحي ان اقرأها ولا استسيغ وجودها.
“لكن” حجم الاحتقان كبير وحجم الاحباط هائل وحجم الفتور عند الناس وصل لمستويات متقدمة، فالكل ينظر ولا يعرف ما الذي عليه ان يفعله، فالضربات متتابعة والرفعات متوالية و ارتفاع الاسعار طال جميع السلع ولا بصيص امل يلوح في الافق حتى مع كلمات رئيس الوزارء التشجيعية “اجمل ايام الاردن هي التي لم تات بعد”.
الغريب أيضًا انه لا يوجد تفاعل من المسؤولين مع هذا الإحباط والسخرية – الا انتقاده -، فلا أحد يطرح حلول ولا أحد يقدم خطة ولا يوجد حتى دراسة إجتماعية تحدد مكامن الخلل وتقدم توصيات!!
الجميع يتابع وينتقد، والامور تتسارع وتنحدر ، والاحباط يتسع، ولا يتم التعامل معها كمشكلة بحاجه لحل بل يتعامل معها المسؤولون بنظام القطعة ونظام الفزعة.
المطلوب وبشكل سريع؛ عمل دراسة إجتماعية مع تحليل واقع المشكلة ووضع توصيات للسيطرة على هذه الظاهرة أو حتى الحد منها، ونزول المسؤولين الى الشارع وزيارة المؤسسات التابعة لهم وفتح أبوابهم وسماع شكوى الناس ومحاولة حل الممكن منها وذلك لاستيعاب هذا الإحباط والاحتقان المتنامي.
أما إذا بقينا ندير الأمور بنفس الأسلوب “الطبطبة” وعدم الاكتراث مع عدم الاشتباك مع الناس فأعتقد أننا مقبلون على مشكلة حقيقية تهدد البلد وتتلاعب بأمنه المجتمعي وستعصف بنا جميعاً ونحن “نتفرّج”.
كتب. النائب السابق “ابراهيم البدور”