صدى الشعب – كتبت م.ندى أبو عبده
أثناء تصميمي لصورة أشاركها مع نشر هذا المقال في صفحة “علمُنا عالٍ”، وجدتني أنحاز دون تردّد إلى مشهد من مدينة العقبة، ليس لأنها مسقط رأسي، ولا لأنها مكان إقامتي، ولا لأنني قضيت حياتي أتغنّى فيها بالعلم والهوية الأردنية،
بل لأنها مدينةٌ تحمل في ترابها ذاكرة الوطن،
مدينةٌ ارتفعت فيها سارية الثورة العربية الكبرى، شامخة تُذكّرنا بأن هذا العلم ليس وليد اللحظة،
بل هو امتداد لمجدٍ صنعه الأوائل، وجذورٍ ضاربة في عمق التاريخ العربي.
في يوم العلم الأردني، نرفع رايتنا فخرًا واعتزازًا، مستذكرين رمزية كل لون فيها.
فالأسود يروي مجد الدولة العباسية، والأبيض نقاء الأمويين، والأخضر زهو الفاطميين، والمثلث الأحمر شجاعة الثورة العربية الكبرى.
وفي قلب الراية، تتلألأ النجمة السباعية البيضاء، حاملة معاني:
الإيمان، الوحدة، الكرامة، الحرية، العدالة، العلم، والإنسانية.
فالنجمة السباعية في رايتنا، ليست زينة ولا مجرد شكل هندسي اعتدنا رسمه في دفاترنا المدرسية،
بل هي بوصلتنا نحو القيم التي تَشربناها منذ الطفولة: الإيمان، والحرية، والعدالة، والوحدة…
هي رمزٌ حيّ، يُنير لنا دروب الانتماء والكرامة.
علمُنا ليس فقط عالياً في ١٦ نيسان، بل هو عالٍ في تاريخنا، وحاضرنا، ومستقبلنا.
هو رمز السيادة والانتماء، ورفعه واجب وطني يُترجم فخرنا وهويتنا الأردنية الأصيلة.
هذه الشمولية الرمزية ليست مصادفة، بل هي انعكاسٌ لحضارةٍ متجذّرة وهويةٍ عريقة.
راية تنبع من عمق التاريخ، وتتشكّل في حاضرٍ نابض بالعزيمة، وتُحلّق نحو المستقبل بثبات وثقة.
ورفع العلم لا يقتصر على السارية، بل يمتد إلى ضمير كل مواطن، يُعلّمه لأطفاله لا كرمز، بل كقيمة.
نُعلّمهم أن كل رفرفة هي حكاية بطولة، وأن كل لون هو صفحة من تاريخهم، وأن النجمة السباعية ليست زينة، بل بوصلتهم نحو القيم النبيلة.
وفي المحافل الدولية، في الرياضة، في البعثات والمؤتمرات، يرتفع العلم الأردني عاليًا، يحمل معه حكاية وطن، وتاريخ شعب، ويعرّفنا أمام العالم بقوة انتمائنا.
وما زال صدى أصوات لاعبي المنتخب الأردني يرنّ في قلوبنا وهم ينشدون بعد كل فوز:
“علا علم بلادي وعلا”…
ليتحول هذا المقطع البسيط إلى نشيد فخر، يربط يوم العلم الأردني بكل إنجاز فردي أو جماعي يُرفع فيه علم الوطن عاليًا بين الأمم.
وشبابنا اليوم هم حرّاس هذه الراية، يحملونها في وجدانهم، ويجددون معناها في أفعالهم.
فكل فكرة بنّاءة، وكل مبادرة وطنية، وكل إنجاز، هو شكل من أشكال رفع العلم عالياً في ساحات الحياة.
وكما تتماوج ألوان الراية بتناغم، تتماوج طبيعة الأردن بين صحراء رم، وبحر العقبة، وسهول الشمال، وجبال الشوبك.
كل شبر من أرضنا يشبه علمنا: متنوع، متكامل، وأصيل.
علمُنا هويتُنا…
نحمله معنا في قلوبنا،
وننشره في كل بلد نزوره،
ونغرس رموزه في وعي أطفالنا،
ليظل خفّاقًا في القمة،
يُلهمنا لصنع الأمجاد… ويشدّنا دائمًا بالهمّة.
علمنا ليس قماشًا يُطوى،
بل قصة تُروى،
وعهد لا يُنسى،
ورفرفة تُوقظ الهمم مع كل صباح.
كل عام ورايتُنا خفّاقة… وكل عام وعلمُنا عالٍ.