** رسالة موجهة إلى كل دكتور ومحاضر و معلم وأكاديمي ومذيع و مقدم برامج تلفزيونية واستشاري.
إن لشمولية علم الاجتماع والنفس والفلسفة وأقولها بكل ثقة وأنا المعلمة والمحاضرة والناشطة والأستشارية والمشرفة الإجتماعية أنه على ذاك الذي ينطوي تحت جناح هذا العلم الذي يحلو لي أن أسميه بالعلم الشفاف لشفافية رؤياه؛ كما ولملامسته الإنسانية لتلك الآلام الوجدانية بعمقها الغامض لتقديم المشورة الصادقة لتكون تلك المداخلة بفلسفة ذاك العلم الإجتماعي والفلسفي هي المقدمة الإستطبابية في ذاك الشفاء، إلا أن الذي كان يدمي فكري أن بعضا ممن إنطوى تحت جناح ذاك العلم وهذا الشرف العلمي يعتقد وحتى يرى نفسه وكأنه العالِم الأوحد الذي حيزت له علوم الأرض وأهم شيء أن مايقوله لايقبل القسمة إلا على الصواب، فهو منهل العلم الذي دائما يصيب وعلى الآذان أن تكون له متشدقة بإصغاء وعلى تلك الرؤوس أن تخفضها بإستمرارية من الأعلى إلى الأسفل بإيماء وطاعة عمياء وتصديق، فذاك الذي يجلس على برج عاجي أضحى أنفه عاجيا أيضا وما كان ليجلس وحتى أن يتنفس إلا من فوق الغمام.
فصيحتي هذه بنبرة محبة أرفعها إلى كل محاضر ومعلم إلى كل دكتور جامعي الى كل إستشاري إجتماعي إلى كل مذيع ومقدم برامج، إلى كل من قد يكون قدوة حسنة لجيل قادم ولمستقبل يلوح بأمل في الأفق، هي رسالة مودة وكلمات صادقة أرفعها إليكم جميعا بالمحبة وكلي أمل بالله من الجميع وحتى آمل من نفسي أولاً، وأنا واحدة منكم أن نمعن فيها؛ فقد أضحى الكثير بشمولية حكمه وحتى التعميم بالأحكام والتشبث وفرض الرأي على أفراد المجتمع.
ومن المضحك أن أقول عن حكمهم ذاك أننا أمام مجتمع واحد بمرض أو علة واحدة وكأنما ذاك الدواء وحتى الشفاء الواحد هو بأيديهم وعندهم فقط، حتى أن تشخيصهم ما كان ليخطئ أبدا بمعنى مضحك أكثر كحال قوله إن لم يشفى ذاك المريض فقد أصبت أنا وأخطأ جسد الأخرين في الشفاء والإستطباب، ونصيحتي أرفعها و أقول أنكم مسؤولون أمام الله ثم أمام نفسكم البشرية التي قد تصيب ومن منا لايخطىء بحكمه، فأنتبهوا رعاكم الله إلى كل كلمة تخرج من أفواهكم من العلم الذي ينشر وأخص أول ما أخص في برامجنا الحوارية المتلفزة و تلك التي عبر الأثير بما فيها من أستعلاء وتكبر في تقديم ذاك النصح، فأول خطى القدوة الحسنة هو التواضع وعدم التشبت بالرأي الذي نراه صائباً، فالأمر اللين لايكسره ولايهزمه عندها أي رأي آخر مع التنويه أن أي نقاش ليس حربا ضروسا لمناطحة بالأراء وحتى التعالي إن كان رأينا هو الصواب، فحتى أن البعض يضفي على نقاشه الحاد الذي يطيش بآرائه الحادة إلى حركات جسدية بالأيدي وحتى إيماءات الوجه وكأن لظى الأعين في أتقاد لحرق الآراء المخالفة له وحتى قد تسطير بإتقاد وشرر تلك الحركات مجتمعة بإيحاءات، وكأنها هسترية لإيصال تلك الأفكار وأن يكون الجميع طوعا لأمره في قبول آرائه الجهنمية في إبتسامات وتصفيق له وحتى الوقوف بإجلال وتقديس لهذا البرج العاجي الذي لاينطق إلا بالحق وأي أراء مخالفة له هي أراء عقيمة مآلها السقوط المريع تحت قدمي جلالته.
فيا من تتربعون على كرسي الكلمة بحق، كفاكم غرورا وكونوا قدوة حسنة ومتواضعين كما وهادئين في لغتكم الحوارية والجسدية وأحسنوا في أستخدام لغتكم الإنسانية ورسائلكم المليئة بالحكم، فالذي نأمله بما تنشدونه أن يكون هدفكم التغيير الإيجابي المبني على العقل والمنطق كما والفهم والتعاون حتى مع الآراء التي تحتمل الصواب والخطأ مثل آرائنا التي تحتمل في صحة وخطأ أيضا.
كما أنه وبكل أسف إن الكثير من الآراء تعتمد على الشمولية والتعميم بحكم وبرأي على الجميع، وأن لا يوجد بإرتياب نسبي أي خطئ له ولو بمؤشرات ضئيلة عن حكمه الأوحد والشامل، فأراءه صائبة بنسبة المئة بالمئة، كما أن أحكامه وكأنها أضحت منزلة من السماء فلن يأخذ ذاك المحاضر وقتا إلا وقد أضحى نصف آلهة، ومن ضحالة الكثير من المتلقين والمشدوهين والمغيبين بطاعة عمياء لما يقول ولما يقدمه، فما يكون منهم إلا أن يبادروه بالسجود طوعا وإمتنانا لقوله الفصل والصائب في حياتهم وفي حل جميع مشاكلهم . المعضلة الكبرى أن أولئك المتلقين هم أباء وأمهات يتلقون معادلات حياتهم التي لاتقبل الخطأ أو التجريح أو حتى النقض حيث ينقلون أحكامه المذهبة على أطباق من فضة إلى أبنائهم لتتوه بوصلة ذاك البيت عن شمال الحقيقة مابين يمنة ويسرى إلى سقوط في جنوب الهاوية، وقد سقط ذاك البيت بسبب أراء الوهم لتلك الأحكام التي لاتمت لفلسفة المنطق من قريب أو بعيد وما كانت إلا أحكاما جنائزية لمن ستقتله تلك الأراء الفذة عما قريب.
كما و يؤلمني ما وصل إليه شبابنا أباء و أمهات الجيل القادم من ضياع بسبب بعض المحاضرين والمقدمين وتلك الفئة المسؤولة عن توصيل الرسالة بأمانة و بالمستوى و الشكل الصحيح إلا أنهم أضحوا فئة غير مسؤولة وحتى غير أمينة لا أمام الله ولا حتى أمام ما قادونا إليه من دمار، كيف لا وقد كانت رسالتهم كمن يشيع من يرشدوهم بفلسفتهم الخاطئة إلى دار التهلكة و الضياع.
إنها صيحة وجدانية من كل شفاه قلبي أن أكون أنا وأنتم سنبلة قمح مكتنزة بتلك الأراء الذهبية التي كلما أمتلأت كان لها خشوع التواضع في إصغاء وفهم وإيصال الكلمة على طبق من محبة تحمله أيادينا البيضاء وأراءنا التي تحتمل الخطأ والصواب كيف لا ونحن أبناء التجارب والحياة .
بقلم. نسرين الطويل