تحديات مقلقة في 2021

 

أكثر شيء مُقلق في هذا العام هو استمرار حالة التفشي الوبائي لكورونا وتطور سلالته بشكل سلبي يصعب السيطرة عليه، ولا تجد اللقاحات المنتجة سبيلا لاحتوائه خلال المدى القريب.
هذا يعني تطورات سلبية في المشهد الاقتصادي وانعكاسات سلبية على القطاعين العام والخاص، حينها ستكون فرضيات موازنة 2021 في مهب الريح.
فتأخر السيطرة أو احتواء الوباء رغم استمرار حالة الجمود الفعلي للعديد من القطاعات الكبرى التي تساهم بفاعلية في إيرادات الخزينة كالملكية وشركات النقل المختلفة، ويعني أيضاً انحسار قدرة القطاع الخاص في التوجه للتصدير بالشكل المخطط، لأن استمرار الوباء يعني استمرار إجراءات الحماية الفعلية للمنتج الوطني في دول العالم المختلفة ومنها الأردن أيضاً، مما سيزيد من تعقيدات وعقبات أمام انسياب السلع بشكله الطبيعي المعتاد عليه وفق اتفاقيات التجارة الحرة المعمول بها.
تأخر السيطرة على الوباء يعني أن الحاجة ستكون ملحة اكثر لتوفير تسهيلات تمويلية جديدة للقطاعات التي لن يكون باستطاعتها الصمود دون تمويل استثنائي وبأسعار فائدة مخفضة للغاية، وقد يحتاج الأمر مرة أخرى إلى إعادة جدولة الكثير من مديونية القطاع الخاص والأفراد معاً.
الأمر لن يقتصر عند هذا الحد، سيكون أمام الحكومة مواجهة تداعيات تراجع أعمال القطاع الخاص واحتمالية كبيرة لتسريح جزء لا بأس به من العاملين لديه، في حين ان هناك احتمالية كبيرة لعودة بعض المغتربين في الخارج وتحديداً في الدول الخليجية التي تعاني من أوضاع اقتصادية صعبة نتيجة تراجع النفط عالميا وتنامي نفقاتها الداخلية، حينها ستكون مُعدلات البطالة في اعلى مستوياتها على الإطلاق، ولن تقوى الجهات والبرامج والجهات الرسمية على مواجهة تداعياتها اذا ما تجاوزت الحدود الاقتصادية الآمنة المعروفة.
اكثر شي قد يكون مقلقاً ويشكل تحدياً حقيقياً في هذا العام هو عدم الوصول إلى نسبة النمو المتواضعة المقدرة في مشروع قانون كموازنة العام الحالي والبالغ نسبتها 2.5 بالمائة، لأن هذه النسبة أصلا منخفضة ولا تتناسب مع احتياجات التنمية الأساسية في المملكة من تشغيل وتوظيف واستثمار وغيرها من المتطلبات الأساسية للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي، وقتها سيكون الاقتصاد الوطني أمام تحد كبير جدا لا يمكن ان يخرج منه في ظل البرامج والخطط الحالية.
القدرة على جلب استثمارات خارجية ستكون هي الأخرى عالية صعبة أمام الجهاز الحكومي في حال تأخر السيطرة الوبائية ليست المحلية هنا اقصد، وإنما العالمية، لأن عمليات جذب الاستثمارات سلسلة مترابطة تبدأ بجهاز إداري قوي وفاعل، وتنتهي بمناخ استثماري وتشريع متطور ومرن.
أيضاً قدرة الخزينة على مواصلة الإنفاق سواء الرأسمالي ام التشغيلي سيواجه هو الآخر تحديات كبيرة في حال تنامي الضغوط المالية والأعباء المختلفة على الحكومة، وقتها سيتم اللجوء لمزيد من الاقتراض الداخلي والخارجي معاً، وهو ما سيجعل المديونية ترتفع إلى مستويات قياسية تهدد الاستقرار الاقتصادي، وفي هذه الحالة سيكون وضع المملكة مضطربا مع المؤسسات الاقتصادية الدولية والائتمانية والمانحين، وستكون المساحة المالية المتاحة له للاقتراض في حال تنامي الضغوطات المالية عليه، نتيجة لتزايد الضغوطات عليه.
الحكومة مطالبة بإعداد سيناريوهات احترازية وخطط طوارئ لمواجهة ما لم يكن بالحساب، اذا ما استمر الوضع الوبائي على ما هو عليه، وان تبقي كل الخيارات مفتوحة، وان تمتلك من الأدوات والمرونة الكافية لمواجهة أي مستجدات طارئة.

أخبار أخرى