المصري: تحديات التسويق وغياب اللوجستيات تقيد استفادة المنتجين
حمارنة: المهرجانات الزراعية فرصة لتعزيز حضور المنتجات المحلية
البشير: البيع المباشر يقلل الحلقات الوسيطة ويعزز ثقة المستهلك
صدى الشعب – سليمان أبو خرمة
أكد خبراء أن المهرجانات الزراعية تشكل أداة استراتيجية لتعزيز حضور المنتجات المحلية ودعم صغار المنتجين، مشيرين إلى أهميتها في توفير منصة مباشرة لتسويق المنتجات وتجاوز الحلقات الوسيطة التقليدية في التجارة.
وأوضحوا خلال حديثهم لـ”صدى الشعب” أن هذه الفعاليات تتيح للمزارعين بيع منتجاتهم بشكل مباشر، ما يقلل العمولات ويزيد من دخل الأسر الريفية، ويعزز ثقة المستهلك بالمنتجات المعروضة.
وأشاروا إلى أن المهرجانات الزراعية تفتح فرص عمل للشباب العاطل عن العمل، وتشجعهم على الانخراط في القطاع الزراعي، كما تسهم في دعم الصناعة التحويلية، بما يحقق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني ويحد من الاعتماد على الاستيراد.
وأكدوا على أن استدامة هذه الفعاليات تتطلب توفير متطلبات نجاحها، بما في ذلك تخفيض كلف النقل والأماكن، وتعزيز الرقابة على جودة المنتجات، إلى جانب تطوير أسواق مفتوحة دورية وبكلف منخفضة لدعم المنتجين، وتمكينهم من الوصول إلى المستهلكين بشكل أوسع، ما يضمن استمرار الفوائد الاقتصادية والاجتماعية لهذه المهرجانات على المدى الطويل.
تمكين الأسر الريفية فرصة تتطلب استكمال التنظيم
إلى ذلك أكد وزير الزراعة الأسبق، الدكتور سعيد المصري، أن المهرجانات الزراعية باتت تشكّل منصة فاعلة لفتح أسواق جديدة أمام صغار المنتجين، لما توفره من تسويق مباشر يختصر حلقات البيع التقليدية ويُلغي الاعتماد على الوسطاء وما يرافقه من عمولات وخصومات قسرية لا يتمكن المزارع الصغير عادة من تجاوزها في مراكز البيع بالتجزئة الدائمة.
وقال المصري، إن المهرجانات المتخصصة تُعد نموذجًا عمليًا لتعزيز الوصول إلى المستهلك النهائي؛ إذ تسمح للمنتج بتقديم سلعه ضمن بيئة تسويقية منخفضة التكاليف، مستفيدة من الإعفاءات الضريبية والرسوم التشغيلية المحدودة التي غالبًا ما تُمنح لهذه الفعاليات.
ويرى أن هذه الظروف تسهم في رفع القدرة التنافسية للمنتجات المحلية، وتشجع المستهلك على تجربة سلع جديدة، ما يجعل المهرجانات أداة تسويقية حقيقية وليست مجرد مناسبة احتفالية.
رفع ثقة المستهلك عبر الفحص وتقنيات التتبع
وأوضح أن خدمات الفحص واعتماد تقنيات التتبع مثل الـQR والباركود تضيف قيمة كبيرة للمنتجات المعروضة في المهرجانات، إذ تتيح للمستهلك معرفة مصدر المنتج ونوعية الإنتاج وطرق المعالجة بعد الحصاد، وهي معلومات لا تتوافر عادة في الأسواق المفتوحة أو الصغيرة.
وأشار إلى أن استخدام هذه التقنيات يمكّن المستهلك من الاطلاع على بيانات دقيقة حول المنتج، مثل اسم المزرعة، طريقة الزراعة، وتواريخ الحصاد، الأمر الذي يعزز الشفافية ويعيد الثقة بالمنتجات المحلية مقارنة بالمستوردة أو غير الموثقة.
وأكد أن دمج التتبع في الفعاليات الزراعية يحوّل المهرجانات إلى واجهات تسويق احترافية متوافقة مع متطلبات سلامة الغذاء.
وبيّن المصري أن المهرجانات تشكّل من حيث المبدأ منصة حقيقية لتمكين الأسر الريفية وذوي الدخل المحدود، من خلال إتاحة دخول السوق دون تكاليف لوجستية مرتفعة أو الحاجة لوسطاء أو محلات ثابتة، بما يرفع دخل المنتج الصغير ويمنحه هامش ربح مقبول.
وأشار إلى وجود عقبات تنظيمية ومنافسة غير متوازنة، إذ تفتقر الأسر الريفية إلى أدوات العرض والتغليف والتسويق، في حين تستحوذ بعض المشاريع الأكبر على الحصة الأكبر من الزوار.
ورأى أن التمكين لا يزال جزئيًا ما لم تُرافق المهرجانات ببرامج تدريب ومعايير تنظيمية تحمي المنتج الصغير وتضمن تنوع المشاركين.
واستعرض مجموعة من التحديات التي تمنع المنتجين من تحقيق استفادة كاملة من هذه الفعاليات، أبرزها ضعف القدرات التسويقية لدى المنتجين الصغار، وغياب برامج توحيد الإنتاج بين الأسر، ما يخلق تفاوتًا في الجودة ويحد من القابلية التجارية.
وأضاف أن محدودية الوقت والمكان تجعل المهرجانات مناسبة مؤقتة وليست قناة بيع مستدامة، إلى جانب نقص الخدمات اللوجستية الاحترافية مثل النقل المبرّد والتخزين وتحويل المنتجات الفائضة، الأمر الذي يقيّد استمرارية التوريد بعد انتهاء المهرجان.
رؤية تطويرية من سوق مؤقتة إلى منظومة متكاملة
وأكد إمكانية تطوير المهرجانات الزراعية لتصبح جزءًا من منظومة التنمية الريفية، عبر إنشاء تعاونيات إنتاج وتسويق مشتركة تسهم في توحيد الجودة وخفض الكلفة وزيادة القدرة التنافسية.
وأشار إلى أهمية تدريب المنتجين على التعبئة والتغليف والمعايير الصحية، وتعزيز الرقابة والتوثيق، بالإضافة إلى دعم عمليات الإنتاج الجماعي باستخدام تكنولوجيا ما بعد الحصاد، وتحديد خطوط إنتاج متخصصة بعلامات تجارية موحدة.
كما دعا إلى دمج المهرجانات مع منصات البيع الإلكتروني وخدمات التوصيل، بما يحولها من فعاليات موسمية إلى بوابة تسويق دائمة، مؤكداً أن تراكم هذه الحلول من شأنه تحويل المهرجانات إلى شبكة مستدامة لتمكين المنتجين الريفيين، وتعزيز العلامة التجارية للمنتج المحلي.
وأكد، أن وجود الأسواق المؤقتة داخل المهرجانات، والمحفزات الضريبية، وإلغاء عمولات الوسطاء، يجعل من هذه الفعاليات منصة استثنائية لتسويق المنتجات الريفية بأسعار تنافسية، لكن الوصول إلى الاستفادة القصوى يتطلب تحويل هذه الفعاليات إلى بنية تنظيمية متكاملة تشمل الفحص، والتتبع، والتعاونيات، والتدريب، وجعل الإنتاج نشاطًا جماعيًا مستدامًا لا مجرد مشاركة موسمية.
ارتفاع الكلف يحدّ من مشاركة صغار المنتجين
من جانبه أكد رئيس جمعية مصدّري الخضار والفواكه مازن حمارنة، أن المهرجانات الزراعية تُعد إحدى الأدوات الداعمة للتعريف بالمنتجات المحلية وتعزيز حضورها في السوق، إلا أن المشاركة فيها ما تزال ضمن نطاق محدود بسبب ارتفاع الكلف التي يتحمّلها العارضون، ولا سيما أجور البسطات.
وبيّن حمارنة، خلال حديثه لـ”صدى الشعب” أن نموذج البيع المباشر الذي يتوفر في هذه الفعاليات يُمثل فرصة مناسبة للمنتجين، غير أن الأعباء المالية الكبيرة تقف عائقاً أمام توسع المشاركة، مشيراً إلى أن هذه المهرجانات تسهم في زيادة حركة الزوار وتعزّز ثقة المستهلك عندما يجد المنتجات المحلية مجتمعة في بيئة منظمة، في وقت يتطلع فيه المواطن إلى توفر أسعار مناسبة تشجّعه على الشراء بصورة أوسع.
ولفت إلى أن تطوير أسواق مفتوحة للمزارعين، تعمل بصورة دورية وبكلف رمزية، قد يشكل بديلاً عملياً يدعم صغار المنتجين، من خلال إتاحة فرص تسويقية منتظمة تُتيح تداول الأدوار بين المزارعين أسبوعياً، بما ينعكس إيجاباً على حجم الإقبال وحركة المبيعات.
وأشار حمارنة إلى أن توفير خدمات الفحص داخل المهرجانات يعزز ثقة المستهلك بسلامة المنتجات، وهو ما يرفع من قيمة المشاركة وجودة التجربة التسويقية للعارضين والزوار على حد سواء.
وفيما يتعلق بمشاركة الأسر الريفية، أوضح أن الكلف المفروضة على بعض الأنشطة مثل المطابخ الإنتاجية بلغت مستويات مرتفعة هذا العام، الأمر الذي يشكل عبئاً استثنائياً على هذه الفئات، خاصة في ظل ما تتحمله من نفقات إضافية تتعلق بالنقل والمواد الأولية.
وأكد ضرورة توسيع فرص المشاركة وإطالة فترة إقامة مثل هذه الفعاليات، لتصبح دورية على مدار العام أو على فترات متقاربة، بما يمنح المنتجين مجالاً أوسع للوصول إلى المستهلكين وتحسين دخلهم.
وأشار إلى أن مشروع سوق المنتجات الريفية الذي تعمل وزارة الزراعة على تطويره يتوقع أن يشكل منصة فعّالة لدعم المنتج المحلي، شريطة وجود رقابة دقيقة على جودة السلع بما يعزز ثقة المستهلك.
وشدد على أهمية تعزيز دور التعاونيات الزراعية في تجميع الإنتاج وتسويقه بشكل منظم، إلى جانب تنفيذ برامج تدريبية متخصصة في التصنيع الغذائي التقليدي والتعبئة والتغليف، لافتاً إلى أن تخصيص مواقع دائمة ومنخفضة الكلفة لصغار المنتجين سيسهم في دعم أعمالهم بشرط الالتزام برقابة صارمة على جودة المنتجات المعروضة.
تفتح فرص عمل للشباب وتدعم القطاع الزراعي
من جهته اعتبر الخبير الاقتصادي محمد البشير أن المهرجانات الزراعية، وخصوصاً تلك المتعلقة بمنتجات الزيتون ومشتقاتها المتعددة، بما في ذلك الزيت والزيتون والصابون وغيرها من منتجات الأسر الزراعية، تُشكّل إضافة اقتصادية إيجابية تسهم في دعم صغار المنتجين وتعزيز التسويق المباشر لمنتجاتهم.
وأوضح البشير، خلال حديثه لـ”صدى الشعب”، أن هذه الفعاليات توفر للمزارعين فرصة لتجاوز الحلقات الوسيطة في التسويق التي يواجهونها عادة، وتقليل العمولات المرتبطة بتجارة الجملة أو التجزئة، إضافة إلى المنافسة التي تتوفر داخل المعارض، ما يعزز ثقة المستهلكين بالمنتجات ويُسهم في رفع دخل الأسر المنتجة، وتمكينهم من مواجهة الأعباء الاقتصادية التي يعاني منها القطاع الزراعي.
وشدّد على أهمية استمرار المهرجانات ودعمها، مشيراً إلى أن توفير متطلبات النجاح، سواء من خلال تخفيض كلف النقل أو كلف الأماكن المخصصة للمعارض، يزيد من قدرة المزارعين على المشاركة، ويحفز الشباب العاطل عن العمل على التوجه إلى الزراعة، الأمر الذي ينعكس إيجاباً على الإنتاج المحلي وعلى استدامة القطاع الزراعي.
وأضاف أن تعزيز هذه الفعاليات قد يؤدي إلى زيادة الإنتاج المحلي بما يحدّ من الاعتماد على الاستيراد ويُسهم في تحسين ميزان التجارة الأردني، كما يرفع من مساهمة القطاع الزراعي في الناتج المحلي الإجمالي ويُسهم في تقليل نسب البطالة، لا سيما بين الشباب الباحثين عن فرص عمل في المجال الزراعي.
وأشار إلى أن أثر المهرجانات لا يقتصر على القطاع الزراعي فحسب، بل يمتد إلى الصناعة التحويلية المرتبطة بالزيت والزيتون ومنتجاتها، حيث توفر هذه الفعاليات فرصاً لتعزيز هذه الصناعة ودعم استدامتها، بما يسهم في تطوير القطاع الزراعي والصناعي على حد سواء وتحقيق قيمة مضافة للاقتصاد الوطني.






