العوران لـ”صدى الشعب”: استثمار الضمان قيمة مضافة للقطاع الزراعي إذا ابتعد عن منافسة المزارعين
صدى الشعب – سليمان أبو خرمة
يشهد القطاع الزراعي حالة جدل واسعة مع اعلان دخول صندوق استثمار الضمان الاجتماعي إلى ملف الزراعات الاستراتيجية، عبر تأسيس شركة الضمان للاستثمار والصناعات الزراعية، التي تهدف إلى تنويع الإنتاج وتعزيز الأمن الغذائي الوطني.
ويأتي هذا التوجّه في وقت تتزايد فيه الحاجة إلى مشاريع قادرة على سد فجوات الإنتاج وتحريك الصناعات الغذائية، وسط تحديات متراكمة تواجه المزارعين، وارتفاع معدلات الفائض في بعض المحاصيل، وغياب التصنيع الكافي لاستيعاب الإنتاج المحلي.
وفي ظل هذه المتغيرات، برزت تساؤلات واسعة حول نوعية الزراعات التي يعتمدها الصندوق، وإمكانية تأثيرها على المزارعين، وما إذا كانت ستشكل قيمة مضافة للقطاع أم منافسًا مباشرًا لهم، إلى جانب غياب الصناعات التحويلية القادرة على حماية المنتج المحلي من الخسائر الموسمية.
زراعة محاصيل إستراتيجية
وفي السياق أكد مدير عام اتحاد المزارعين محمود العوران، أن توجيه صندوق الاستثمار في الضمان الاجتماعي نحو الزراعات الاستراتيجية أو محاصيل العجز، يمكن أن يشكّل قيمة مضافة حقيقية للقطاع الزراعي، شرط أن يكون هذا التوجّه بعيدًا عن منافسة المزارعين، وبما يمنع أي تأثير سلبي على إنتاجهم أو دخلهم.
وقال العوران خلال حديثه لـ”صدى الشعب”، إن اتحاد المزارعين شدّد خلال اجتماع سابق مع إدارة صندوق الضمان، على ضرورة الابتعاد عن الزراعات التقليدية التي تنافس المزارعين مباشرة، والتوجه بدلًا من ذلك نحو الزراعات العلفية، وكذلك نحو زراعة القمح، باعتبارها محاصيل يحتاجها السوق المحلي، وتسد فجوة إنتاجية قائمة منذ سنوات.
وأضاف أن الصندوق قدّم وعودًا واضحة خلال الاجتماع بأن يكون هناك توجّه جاد نحو الصناعات الغذائية، معتبراً أن نجاح الصندوق في التوجه للصناعات الغذائية سيشكّل “فرجًا للمزارع”، إذا ما جرى تطبيق هذه الخطط بطريقة سليمة.
وأوضح أن الصناعات الغذائية في الأردن، وفق واقعها الحالي، تعتمد في معظمها على التعبئة والتغليف فقط، دون تصنيع فعلي للمواد الغذائية مستشهداً بمثال معجون البندورة، الذي يأتي غالبًا كمادة خام مستوردة من الصين ببراميل ، ثم يجري تعبئتها في عبوات محلية، ليُقال إن لدينا صناعة غذائية.
وأشار إلى أن هذا الوضع يحدث في الوقت الذي يقوم فيه المزارع الأردني باتلاف البندورة في الشارع بسبب غياب الحماية اللازمة لمنتجه، ما يؤدي إلى فائض كبير في الإنتاج، فيما تعرض المصانع أسعارًا “بخسة جدًا”، يصل فيها سعر الكيلو حتى لو كان واصلًا للمصنع من أي منطقة مثل العقبة إلى نحو خمسة قروش فقط، رغم أن كلفة إنتاجه أعلى بكثير.
الصناعات الغذائية مفتاح نجاح
وفي السياق ذاته، عبّر عن استغرابه من غياب الصناعات المرتبطة بالبطاطا التصنيعية، رغم أن الأردن يزرع البطاطا وتتدنى أسعارها في مواسم الإنتاج، في حين تُستورد البطاطا المجمدة من الخارج، ما يحرم المزارعين من فرص تصنيعية يمكن أن تسهم في ضبط السوق وتحقيق قيمة اقتصادية أعلى.
وبيّن أن صندوق الضمان، ووفق ما وعد به، يعمل على إعداد خطط جديدة تتعلق بالتوسع في الزراعات العلفية، وبناء صناعات غذائية حقيقية، الأمر الذي إذا تحقق فعليًا على أرض الواقع سيجعل من الصندوق قيمة مضافة للقطاع الزراعي، ويعيد التوازن بين الإنتاج والتصنيع.
وأكد العوران أن اتحاد المزارعين يراقب عن كثب خطوات الصندوق، مشيرًا إلى أنه في حال نُفّذ ما جرى الاتفاق عليه، فسيكون الصندوق داعمًا للقطاع الزراعي، أما إذا حدث العكس، لا يمكن القول سوى إن صندوق استثمار الضمان تغوّل على المزارعين، خصوصًا إذا عاد لمنافسة المزارعين بمحاصيل مثل البطيخ والبطاطا وغيرها.
وشدّد على أن قيمة الصندوق الحقيقية تتجلى عندما لا ينافس المزارعين، بل يعمل على سد الفجوات الإنتاجية، وإقامة صناعات غذائية قادرة على رفع القيمة المضافة للمنتج المحلي، وحماية المزارع، وتعزيز الأمن الغذائي الوطني.
وكانت لجنة الزراعة والمياه بمجلس الأعيان برئاسة د. عاكف الزعبي، بحثت استثمارات الصندوق في الزراعة، بخاصة التوسع بزراعة البطاطا التصنيعية، بحضور رئيس الصندوق كناكريه، وعضو مجلس الإدارة ومدير عام الشركة د. علي الشطي.
وقال الزعبي، إن اللجنة تهدف من الاجتماع للاطلاع على المشاريع الزراعية التي ينفذها الصندوق وآفاق تطويرها، مؤكدا أن قطاع الزراعة يواجه مخاطر وتحديات، وفي مقدمتها توفير مياه الري، كما لفت إلى انعكاس هذه التحديات على الاستثمارات الزراعية.
من جانبه، استعرض كناكرية أبرز استثمارات الصندوق في قطاعات عدة، مبينا أن الصندوق أنشأ شركة الضمان للاستثمار والصناعات الزراعية التي تعمل على زراعة محاصيل استراتيجية متعددة وتنويعها، للمساهمة بتحقيق الأمن الغذائي والحد من مخاطر الاستثمار في القطاع الزراعي.
بدوره قدم الشطي عرضا للخطة الزراعية للشركة وما تنتجه من محاصيل، وما يواجه القطاع الزراعي من تحديات، مؤكدا أن هذه الاستثمارات تسعى لتحقيق قيمة مضافة في القطاع، وتوفير فرص تشغيل نوعية، بالإضافة إلى توجه الشركة لتعزيز تنوع المحاصيل، وفق دراسات جدوى اقتصادية وتلبية لاحتياجات السوق، بخاصة من مدخلات الصناعات الغذائية والدوائية.
