ما هي السيناريوهات المحتملة لمستقبل سوريا بعد سقوط نظام الأسد؟
العناني لـ”صدى الشعب”: خطوات إيجابية بعد سقوط الأسد للاستقرار سوريا
*الموقف الأردني بقيادة الملك يدعم استقرار سوريا ووحدتها
*وجود نظام سوري قوي قد يخفف أزمة تهريب المخدرات إلى الأردن
العبادي: تجاذبات القوى الكبرى تهدد سوريا بدمار حقيقي
الدعجة: الواقع السوري بعد الأسد يحمل العديد من السيناريوهات
صدى الشعب – سليمان أبو خرمة
بعد سقوط نظام بشار الأسد، دخلت سوريا مرحلة من التحولات السياسية والعسكرية المعقدة التي تحمل في طياتها العديد من التحديات والفرص.
وفي ظل هذا الوضع المتغير، تبرز عدة مواقف وتحليلات حول مستقبل سوريا الذي يواجه العديد من السيناريوهات المحتملة، ما بين الفوضى المستمرة والانفراج السياسي.
فبينما يشير بعض السياسيون خلال حديثهم لـ”صدى الشعب” إلى ضرورة بناء نظام سياسي موحد وقوي يعزز المصالحة الوطنية ويعيد الاستقرار، يحذر آخرون من عواقب التجاذبات الإقليمية والدولية التي قد تزيد من تعقيد المشهد السوري.
فبعد 13 عاما على بدء الاحداث في سوريا والتي انتهت بسقوط نظام الأسد بأحداث متسارعة يبقى السؤال الأبرز الى اين سوريا تتجه الى الاستقرار ام الفوضى؟
وبهذا الشأن قال نائب رئيس الوزراء السابق، الدكتور جواد العناني، أن المرحلة التي تلت سقوط نظام بشار الأسد تميزت بخطوات مدروسة من قبل المعارضة السورية تهدف إلى تنظيم الأوضاع وتوحيد الشعب السوري.
وأشار العناني إلى أن الإدارة الجديدة اتبعت نهجًا استراتيجياً، حيث تم التركيز على السيطرة على المدن دون السماح بانتشار الفوضى أو استهداف المؤسسات العامة، مضيفا أن بقاء الحكومة السابقة لبضعة أيام قبل تشكيل حكومة جديدة كان جزءًا من هذا النهج المدروس.
وأوضح أن العفو الصادر بحق الجنود الذين لم يرتكبوا جرائم تعذيب بحق السجناء يعكس رسالة واضحة للشعب السوري، مفادها أن المحاسبة ستطال فقط من تورطوا في جرائم جسيمة ضد المدنيين.
وأكد العناني أن هذه الإجراءات تشير إلى محاولة جادة للمصالحة ولمّ شمل الشعب السوري، مع السعي لإقامة نظام شامل يضمن مشاركة الجميع، باستثناء أولئك المتورطين بجرائم لا يمكن التسامح معها.
وأشار الى وجود جماعات متعددة الأطراف في سوريا بعد سقوط النظام السوري، مؤكدًا أن هذا الواقع يثير قلق دول الجوار والمجتمع الدولي، لافتا إلى أن بقايا الجماعات التي وُصمت بالإرهاب، مثل “داعش” والقاعدة، ما زالت تشكل تهديدًا.
وأضاف أن الاحتلال الإسرائيلي، بقيادة رئيس وزرائه بنيامين نتنياهو، استغل الانشغال الإعلامي بالوضع السوري لتحقيق مكاسب على الأرض.
وأوضح أن الاحتلال قام بسلب أراضٍ في الضفة الغربية، وسعت لبناء مستوطنات جديدة، إضافة إلى وضع 12 برج اتصالات، معتبرة الضفة الغربية تحت سيطرتها الكاملة.
كما أشار إلى استهداف الاحتلال للمطارات والمنشآت العسكرية السورية بدقة بعد سقوط نظام الأسد.
وأكد أن الاحتلال الإسرائيلي يتعمد خلق الفوضى في سوريا، ثم تبرر إجراءاتها بأنها استباقية لتجنب الوقوع ضحية لهذه الفوضى، مشددًا على أن الاحتلال الإسرائيلي لا يرغب في استقرار سوريا ويفضل بقاء الأوضاع في حالة من الفوضى المستمرة.
وأكد أن الموقف الأردني تجاه الأزمة السورية، بقيادة جلالة الملك، هو الموقف الصحيح لأسباب عديدة، موضحا أن الأردن يركز على حماية الشعب السوري ووحدة أراضيه، وهو أمر متفق عليه وضروري وتم تأكيده من الجانب الأردني.
وأشار إلى أن الأردن أعرب عن استعداده لدعم سوريا في هذه المرحلة الحساسة.، موكدا أن هناك أهمية كبرى لضمان عدم استغلال حالة الفوضى أو عدم اليقين التي قد تمر بها سوريا خلال هذه الفترة الانتقالية.
وأوضح أن التحدي الأكبر أمام سوريا يتمثل في تسليم الحكم، فإذا تم الإبقاء على القيادات التي عملت خلال فترة بشار الأسد، فسيواجه الأمر انتقادات، وإذا تم تغييرهم جميعًا، فقد يؤدي ذلك إلى مشكلات أخرى.
وأضاف أن سوريا تواجه تحديات صعبة تتعلق بإدارة الدولة، توفير الاحتياجات الأساسية، تحسين الوضع الاقتصادي، وإعادة بناء المؤسسات والبنية التحتية، وهو ما يتطلب جهودًا كبيرة وإصلاحات شاملة لتحقيق الاستقرار.
وأعرب عن أمله في تشكيل نظام جديد قوي وموحد في سوريا، مشيرًا إلى أن ذلك سيساعد بشكل كبير في الحد من عمليات تهريب المخدرات، التي أصبحت تشكل مشكلة أمنية خطيرة للأردن.
وأوضح، استنادًا إلى تقارير الجهات الأمنية ومديرية الأمن العام ومكافحة المخدرات، أن حوالي 20% من المخدرات التي تُهرب عبر الأردن أو إليه تبقى داخل البلاد، مما أدى إلى ظهور سوق لهذه المواد داخل المملكة، وهو أمر يدعو للقلق.
وأضاف أن هذه المشكلة الأمنية أثارت مخاوف العائلات الأردنية على أبنائها، خاصة مع انخفاض أسعار المخدرات، ما يسهل وصولها إلى مختلف الفئات.
وأكد أن وجود جهاز أمني سوري قوي يعمل بالتعاون مع الأردن في محاصرة تجارة المخدرات وتنسيق الجهود الأمنية سيكون له أثر إيجابي كبير في التخفيف من هذه الأزمة التي تؤرق المجتمع الأردني.
من جانبه يرى نائب رئيس الوزراء الأسبق ممدوح العبادي أن الأراضي السورية ستواجه مرحلة من عدم الاستقرار في الفترة المقبلة عقب سقوط نظام بشار الأسد.
وأوضح أن هذا التوقع يستند إلى وجود العديد من الأطياف السياسية والعسكرية التي تسيطر على المشهد السوري في الوقت الحالي، مما يجعل تحقيق الاستقرار تحديًا كبيرًا في المرحلة القادمة.
وقال العبادي خلال حديثه لـ”صدى الشعب” أن سوريا قد تواجه دمارًا حقيقيًا في المرحلة المقبلة بسبب التجاذبات بين القوى الإقليمية والدولية.
وأوضح العبادي أن هذه التجاذبات تشمل الاحتلال الإسرائيلي وتركيا وإيران والولايات المتحدة الأمريكية، مشيرًا إلى أن هذه الأطراف تتصارع على النفوذ داخل سوريا، مما يزيد من تعقيد المشهد السوري.
وأكد أن سوريا تمر حاليًا بحالة من عدم اليقين نتيجة غياب الدولة المركزية التي كانت موجودة سابقًا، بغض النظر عن طبيعة نظام بشار الأسد.
وأشار إلى أن النظام السابق، رغم وصفه بالدكتاتورية، كان يضمن قدرًا من الهدوء والاستقرار أما الآن، ومع غياب هذا النظام، بدأت تلوح في الأفق مشكلات بين الأطراف المختلفة، خصوصًا أن الحكم أصبح بيد العديد من المنظمات وليس جهة واحدة موحدة.
وأعرب عن تشاؤمه الشديد بشأن المستقبل القريب لسوريا، مضيفًا أن الاحتلال الإسرائيلي يستغل هذه الفوضى لتحقيق مصالحه، مستمرًا في التدخل في الشأن السوري.
من جهته توقع الخبير السياسي الدكتور حسن الدعجة عددًا من السيناريوهات لمستقبل سوريا بعد سقوط نظام الأسد، حيث تتنوع الخيارات بين الفوضى المستمرة والانفراج السياسي.
وفي تصريحاته، أشار الدعجة إلى أن أحد السيناريوهات المحتملة هو استمرار الفوضى في سوريا بعد انهيار النظام ففي هذا السيناريو، يرى الدعجة أن فشل الأطراف المتنازعة في التوصل إلى حل سياسي شامل سيؤدي إلى استمرار المعارك بين الفصائل المسلحة المختلفة، كما سيظل النفوذ العسكري للميليشيات المدعومة من قوى خارجية في تزايد، مما يعمق الأزمة الأمنية في البلاد.
وأضاف أنه مع غياب سلطة مركزية فعالة، ستستمر عمليات التهريب والجريمة المنظمة في الانتشار، ويزيد من تفاقم الوضع الإنساني في ظل تزايد أعداد النازحين وارتفاع معدلات الفقر والجوع.
أما في السيناريو الآخر، يتوقع الدعجة أن يتم التوصل إلى تسوية سياسية بفضل الضغوط الدولية والإقليمية، ويشمل هذا التوصل إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم جميع الأطراف السياسية، وتنفيذ إصلاحات دستورية تضمن تقاسم السلطة بين الحكومة المركزية والمحافظات، في هذا السياق، يمكن أن تشهد البلاد تحسنًا تدريجيًا في الظروف الأمنية، وعودة اللاجئين إلى وطنهم مع تحسن البنية التحتية والخدمات.
وقال إن هذا السيناريو قد يجعل سوريا نموذجًا لتجاوز الحروب الأهلية من خلال الحوار والتوافق بين الأطراف المختلفة.
وتوقع في سيناريو ثالث أن يستمر الصراع في سوريا ويتحول إلى حرب طويلة الأمد بين مناطق النفوذ المدعومة من قوى خارجية، مما يؤدي إلى تقسيم البلاد فعليًا.
وأشار إلى أن هذا السيناريو قد يشهد تقسيم سوريا إلى ثلاث كيانات رئيسية، الأول تحت سيطرة هيئة تحرير الشام في الغرب، والثاني كيان كردي مدعوم دوليًا في الشمال الشرقي، والثالث كيان للمعارضة المسلحة في الشمال والجنوب، وتُرسم حدود شبه دائمة بين هذه الكيانات مع استمرار الاشتباكات في المناطق الحدودية.
وأوضح أن هذا التقسيم سيعزز بإنشاء أنظمة اقتصادية وسياسية مستقلة لكل كيان، مما يجعل سوريا دولة مقسمة بحكم الواقع، مضيفا أن هذا السيناريو سيتسبب في تعميق الانقسامات الطائفية والعرقية داخل البلاد، مما يعيق أي جهود مستقبلية لإعادة توحيدها.
وأشار إلى أن لكل سيناريو لمستقبل سوريا انعكاساته الخاصة على الوضع الإقليمي والدولي، بالإضافة إلى تأثيرات كبيرة على حياة الشعب السوري ومستقبل البلاد.