صدى الشعب – راكان الخريشا
يبرز الأردن اليوم كلاعب إقليمي محوري، يمتلك موقعاً جغرافياً استراتيجياً يجعله بوابة طبيعية بين المشرق ومصر وفلسطين، ومعبراً آمناً نسبياً نحو غزة، ويأتي هذا الموقع المميز إلى جانب رصيده السياسي المتوازن وعلاقاته الإقليمية والدولية، ليمنح المملكة فرصة فريدة لتحويل هذه المزايا إلى رأسمال جيو اقتصادي من خلال المشاركة الفاعلة في مرحلة إعادة الإعمار.
وتشير المسؤوليات الأردنية إلى إمكانية أن يصبح الأردن مركزاً لوجستياً للإمداد وإعادة الإعمار، ونقطة تنسيق إقليمية بين الدول المانحة والمؤسسات الدولية والقطاع الخاص العربي، من خلال إنشاء ممرات تجارية ومراكز تخزين وفرز على الحدود، ليكون نقطة الانطلاق الأولى لكل المواد والمساعدات المتجهة إلى غزة ضمن إطار منظّم وآمن.
ويؤكد الخبراء أن نجاح الأردن في هذه المرحلة لا يقتصر على الكفاءة الاقتصادية والمؤسسية، بل يتوقف على قدرة المملكة على تعزيز علاقاتها السياسية مع الفصائل الفلسطينية والدول الفاعلة في المنطقة، لضمان دور محوري في عملية إعادة الإعمار وتحقيق استفادة اقتصادية متبادلة تعود بالنفع على المملكة والمنطقة ككل.
وبهذا السياق قالت وزيرة الإستثمار الأسبق، خلود السقاف، إن الأردن يملك موقعاً فريداً يجعله بوابة طبيعية بين المشرق ومصر وفلسطين، ومعبراً آمناً نسبياً نحو غزة، هذا الموقع مع رصيده السياسي المتوازن وعلاقاته الإقليمية والدولية، يمكن أن يتحوّل إلى رأسمال جيو اقتصادي إذا ما أُحسن توظيفه في مرحلة إعادة الإعمار، والمملكة قادرة على أن تكون مركزاً لوجستياً للإمداد وإعادة الإعمار، ومركز تنسيق إقليمي بين الدول المانحة، والمؤسسات الدولية، والقطاع الخاص العربي، وإنشاء ممرات تجارية ومراكز تخزين وفرز على الحدود يمكن أن يجعل من الأردن نقطة الانطلاق الأولى لكل المواد والمساعدات المتجهة إلى غزة، في إطار منظّم وآمن.
وأضافت السقاف يمتلك الأردن قاعدة مؤسسية ومالية مؤهلة نسبياً، فالقطاع المصرفي يتمتع بسيولة جيدة وقدرة على إدارة التمويل بالتعاون مع البنوك الدولية، كما أن شركات المقاولات والهندسة الأردنية تمتلك خبرة طويلة في مشاريع البنية التحتية الإقليمية، ولكن التحدي الأكبر لا يكمن في الكفاءة، بل في القيود السياسية واللوجستية المرتبطة بإدارة المعابر، وتنسيق الحركة، وضمان الأمن داخل غزة، ولذلك لن يكون النجاح ممكناً إلا في إطار تفاهم دولي إقليمي تضمنه الأمم المتحدة والجهات المانحة، بما يوفّر مظلة سياسية وأمنية ومالية واضحة للدور الأردني.
وأوضحت السقاف يمكن لعدة قطاعات أردنية أن تحقق أقصى استفادة من مرحلة إعادة الإعمار، أبرزها
البناء والمقاولات: المشاركة في مشاريع الإسكان والبنية التحتية.
النقل واللوجستيات: تحويل العقبة ومعان والحدود الشمالية إلى مراكز تخزين وتوزيع.
الطاقة: تقديم حلول متجددة ومستدامة لقطاع حيوي في غزة.
الصناعات الخفيفة: إنتاج مواد البناء محلياً لتقليل تكاليف النقل ودعم التشغيل.
القطاع الصحي والتدريب الفني: المساهمة في بناء القدرات البشرية وإعادة تأهيل المرافق الصحية.
وبينت السقاف لتحقيق الجاهزية السريعة، لا بد من خطة عاجلة لتأهيل هذه القطاعات تشمل مسح وطني لقدرات الشركات والموردين، وحوافز جمركية وضريبية لمواد البناء والمعدات المرتبطة بالإعمار، وبرامج تدريب قصيرة المدى للمهندسين والعمالة الفنيةو إنشاء منصّة إلكترونية للمناقصات بالتعاون مع الأمم المتحدة والمانحين لضمان الشفافية والسرعة.
وتابعت السقاف القطاع الخاص الأردني يمتلك الجرأة الفنية والخبرة، لكنه يحتاج إلى غطاء مالي وضمانات ائتمانية تحميه من المخاطر السياسية والأمنية، فالمشاريع الكبرى لا يمكن تمويلها بالقدرات المحلية فقط هنا تبرز أهمية دور الدولة في تأسيس مرفق ضمان وتمويل وطني دولي بالشراكة مع المؤسسات التمويلية الدولية والعربية، يهدف إلى تقاسم المخاطر وتشجيع دخول الشركات الأردنية في التحالفات الدولية.
وأوضحت السقاف على الحكومة أن تعتمد حزمة سياسات عملية تشمل تحرك دبلوماسي نشط لضمان دور أردني رسمي في آلية إعادة الإعمار بالتنسيق مع مصر والأمم المتحدة والجهات المانحة، وتأسيس هيئة وطنية لإدارة ملف الإعمار تعمل كنقطة اتصال واحدة للقطاعين العام والخاص وتضمن الشفافية والمساءلة، وإطلاق أدوات تمويل مبتكرة مثل سندات إعادة الإعمار أو صناديق استثمار مشتركة مع المانحين، وتسهيل إجراءات الترخيص والتوريد وتبسيط القوانين للمستثمرين والشركات المشاركة، ودمج البعد الأخضر والمناخي في مشاريع الإعمار لتكون جزءاً من التنمية المستدامة، وتمكين الصناعة المحلية من خلال دعم الإنتاج المحلي للمواد الأساسية ومنح الأولوية للموردين الأردنيين في العقود.
وأكدت السقاف إعادة إعمار غزة ليست مجرد مشروع إنساني، بل فرصة لإعادة رسم الخريطة الاقتصادية في المشرق، وإذا نجح الأردن في بناء نموذج الإعمار عبر الشراكة يجمع بين الموقع الجغرافي، والكفاءة المؤسسية، والدبلوماسية النشطة، فسيستطيع أن يتحول من دولة عبور إلى دولة محور اقتصادي تسهم في استقرار المنطقة وتستفيد من تدفق الاستثمارات، وتفتح أمام شبابها فرص عمل جديدة في مجالات البناء والطاقة والخدمات اللوجستية، والأردن يقف أمام لحظة تاريخية إما أن يكون جزءاً من قيادة إعادة الإعمار في المنطقة، أو أن يكتفي بدور المراقب على أطرافها.






