صدى الشعب – كتب محمد علي الزعبي
في الكورة، لا تُقاس المسافات بالكيلومترات، بل بعدد السنوات التي انتظر فيها أهلها وعود التنمية التي لم تصل. هنا، الحلم مؤجل، والطريق إلى أبسط الحقوق محفوف بالحفر، والبطالة تحاصر الشباب كما تحاصر الحجارة بيوت الطين القديمة.
لواء الكورة، هذه البقعة الطيبة من أرض الأردن، ما زالت تنتظر منذ عقود أن تنال نصيبها العادل من التنمية، وأن تخرج من دائرة الإهمال التي خنقت أحلام أهلها. جاءت زيارة دولة الرئيس لتنعش الآمال، حين تحدث بوضوح، وأوعز للمعنيين بفتح آفاق اقتصادية واستثمارية حقيقية، تُعين أبناء اللواء على كسر طوق الفقر والبطالة، وتفتح أمامهم أبواب العمل والإنتاج بدل أبواب الهجرة والانتظار.
لكن السؤال الذي يفرض نفسه اليوم: هل سمع المعنيون نداء الرئيس؟ أم أن كلامه وُضع في الأدراج المغلقة، لينام هناك حتى إشعار آخر؟ هل كانت توجيهاته رياحًا عابرة حملتها الكاميرات في لحظتها، ثم تبخرت في الهواء قبل أن تجد طريقها إلى التنفيذ؟
ومن من الوزراء المعنيين زار اللواء بعد زيارة الرئيس؟ ومن منهم جلس مع أهله، واستمع إلى شكواهم، ووقف على معاناتهم وجهًا لوجه؟ أم أن الزيارة كانت حدثًا بروتوكوليًا عابرًا، لم يترك وراءه سوى صور وتصريحات؟
إن شوارع الكورة ما زالت شاهدة على التهميش، بمطباتها وحفرها التي لا تحصى، ومشاريعها المؤجلة، وشبابها العاطلين عن العمل الذين تحوّل الصبر في نفوسهم إلى غصة. الاستثمارات التي وعد بها الرئيس لم تجد بعد أرضًا تُزرع فيها، وكأن ثمة يدًا غير مرئية تعطل كل محاولة للنهوض بهذا اللواء.
لواء الكورة لا يطلب معجزات، بل يطالب بحقه في العدالة التنموية، في نصيب من الموازنة، في مشاريع تخلق فرص عمل، في طرق آمنة، في بيئة استثمارية تجذب رؤوس الأموال بدل أن تنفرها. وآن الأوان أن تتحول كلمات الرئيس إلى خطة ملزمة، ومحاسبة حقيقية لكل مسؤول يتقاعس عن تنفيذها.
وإلى الوزراء المعنيين أقولها بصراحة: إن كنتم قد نسيتم، فأهل الكورة لم ينسوا، وإن كنتم قد تأخرتم، فإن معاناتهم سبقتكم بسنوات. فلا تجعلوا كلام الرئيس حبرًا على ورق، ولا تجعلوا صوته يتردد في بئر أجوف. فمن لا يتحرك اليوم لن يجد غدًا مكانًا في ذاكرة الناس إلا كصفحة من صفحات الإهمال التي لفظها التاريخ.






