هل التقطت الحكومة رسالة الملك؟

 

اللقاء الأخير الذي جمع بين الملك والصناعيين كانت فيه رسالة مهمة للحكومة نحو الإسراع في اتخاذ كافة التدابير والإجراءات التي من شأنها ان تعزز وضع النشاط الإنتاجي للقطاع الصناعي، وتحميه من كُل تغول داخلي أو خارجي عليه.
التوجيه الملكي كان واضحاً للحكومة من حيث دعم الصناعة الوطنية من أي سلوكيات دولية أو إقليمية تحد من صادرات المملكة الوطنية إلى أسواق خارجية، وأشار بوضوح إلى فصل الأمور والحقوق الاقتصادية عن العلاقات السياسية التي تجمعه مع قادة تلك الدول، فهو كفيل بها، وبالتالي على الحكومة عدم التعذر بموضوع العلاقات السياسية التي تجمع الملك مع قادة الدول.
الآن الحكومة مطالبة فعلاً بتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل مع اي دولة تضع عراقيل أو اجراءات غير قانونية ضد الصادرات الوطنية، ولا يجوز السكوت عن حق الأردن والأردنيين أبداً، وواجب الحكومة السير بالإجراءات الكفيلة بإعادة العدالة في المعاملة مع الدول بشكل واضح.
حديث الملك وتوجيه الحكومة كانا نتيجة المطالبة الملحة من القطاع الصناعي وعرضه للمشاكل والتحديات التي تقف في وجهه، وكان أبرز تلك المطالبات هي تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل التي تصدى لها رئيس غرفة الصناعة المهندس فتحي الجغبير في كُل محفل واجتماع رسمي وغير رسمي للحديث عن خطورة ما تتعرض له الصناعات الوطنية من منافسة غير عادلة وغير قانونية في كثير منها، وهو ما يحد من استمرارية النشاط الإنتاجي الصناعي نتيجة الوضع غير العادل الذي يحيط بها، وهي الرسالة التي كانت على الدوام توجه للحكومات على الدوام وتوضح لهم وخطورتها إذا ما استمرت على حالتها دون تدخل فوري من الحكومة التي كانت على الدوام تتعذر بالعلاقات السياسية التي تربط الأردن بتلك الدول، ليأتي حديث الملك وتوجيهه للحكومة بفصل هذا الأمر وترك علاقته بالقادة له، وتفرغ الحكومة لحقوق الصناعة الوطنية وتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل بكل وضوح.
قبل أيام قليلة وتحديداً اعتباراً من يوم الثلاثاء الماضي فرض الاشقاء في مصر إجراءات من جانب واحد لتحد من صادرات الأردن للسوق المصرية، وهي ان تكون كُل شركة تصدر لمصر حاصلة على شهادة الآيزو، بينما لا يتطلب في المملكة من الشركات المصرية المصدرة للسوق الأردنية الحصول على مثل هذه الشهادة.
القضية في العلاقة الاقتصادية الأردنية المصرية ليست محصورة في الآيزو، فكل المصدرين للسوق المصرية يعانون الأمرين مما يحدث لهم من اجراءات معقدة رسمية وغير رسمية حدت بشكل كبير من انسياب السلع الأردنية للسوق المصرية، وحكومتنا الرشيدة ملتزمة بخيار الصمت تجاه ما يحدث للمنتج والمصدر الأردني الى هناك.
هذا السكوت الذي حدث لفترات طويلة عن الجانب المصري تجاه الصناعات الأردنية جعل الميزان التجاري يميل للمصريين بشكل كبير وغير عادل أبدا، فهي تصدر للمملكة ما يزيد على 771 مليون دينار، مقابل مستوردات من الأردن لا تتجاوز الـ121 مليون دينار أكثر من نصفها حبيبات البوتاس فقط، ما يعني ميزاناً تجارياً بالكامل لصالح الأشقاء في مصر، وهذا ليس سببه نقص الإنتاج كما يعتقد البعض، بل نتيجة وجود معوقات حقيقية أمام انسياب السلع الأردنية للسوق المصرية، منها ما هو رسمي بموجب قوانين وأنظمة، ومنها ما هو عقبات إدارية مختلفة حدّت من دخول أي بضاعة أردنية إلى السوق المصرية مثل العقبات الحدودية والتفتيش والعينات والتسجيل وآخرها متطلبات الحصول على الآيزو وغيرها من الإشكاليات التي لطالما نادى القطاع الخاص الأردني بضرورة حلها أو المطالبة بتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل.
معروف عن الأردن أنه من أكثر الدول التزاما بتنفيذ الاتفاقيات الاقتصادية الموقعة بينه وبين عدد من دول العالم، وأستطيع القول انه باستثناء اتفاقية التجارة الحرة مع الولايات المتحدة الأميركية، فإن غالبية تلك الاتفاقيات خسفت حقوق الصادرات الأردنية وألحقت أذى بالصناعات الوطنية التي تعمل في ظل أجواء غير عادلة من جراء تطبيق تلك الاتفاقيات، والمملكة لا تطالب بأكثر من تنفيذ عادل ومتوازن لهذه الاتفاقيات أو تطبيق مبدأ العمل بالمثل ليكون الحكم النهائي إذا لم تتحقق العدالة الإجرائية من تلك الاتفاقيات التي من المفترض أن تخدم الأطراف كافة لا طرفاً واحداً.
بعد الإجراء المصري المفاجئ الأخير تجاه الشركات الأردنية باتت الكرة في ملعب الحكومة التي وجهها الملك مباشرة لاتخاذ كُل ما يلزم لدعم الصناعات الوطنية، فهل التقطت الحكومة التوجيه الملكي الخاص بتطبيق مبدأ المعاملة بالمثل خلال اللقاء الأخير، وستتحرك لإزالة الغبن الذي تتعرض له الصناعة الوطنية في أسواق الجوار؟.

Related Posts

Next Post

Welcome Back!

Login to your account below

Retrieve your password

Please enter your username or email address to reset your password.

x  Powerful Protection for WordPress, from Shield Security
This Site Is Protected By
Shield Security