صدى الشعب – أثارت الشكاوى العمالية المتزايدة المقدمة لوزارة العمل عبر منصة “حماية”، تساؤلات حول فعالية الإجراءات المتبعة لحلها، بخاصة فيما يتعلق بسرعة البت فيها وحماية سرية المشتكين.
وقد أشارت تقارير إلى أن المنصة تواجه تحديات تتعلق بإمكانية الوصول إليها من العمال، لا سيما بسبب الحواجز اللغوية وطرق التسجيل المعقدة.
وأكد خبراء في قطاع العمل، أهمية تعزيز سرية الشكاوى لضمان حماية هويات المشتكين من أي تعرض للانتقام من أصحاب العمل.
ومن جهة أخرى، شدد خبراء على دور النقابات العمالية، بمتابعة الشكاوى والتأكد من معالجة الانتهاكات الواقعة بحق العمال.
من جهته، قال الناطق الإعلامي باسم وزارة العمل، محمد الزيود، إن منصة حماية الإلكترونية المخصصة لاستقبال الشكاوى العمالية من أنواعها كافة تتيح خيار سرية الشكوى للمشتكي.
وأضاف، أن السرية التي يتم اختيارها من المشتكي تعني أن الشكوى ستعامل بسرية تامة من قبل المفتشين، بخاصة في الحالات التي تتعلق بتأخير الأجور، وعدم دفعها، وعدم الالتزام بالحد الأدنى للأجور، وبالنظام الداخلي، وبمعايير السلامة والصحة المهنية.
وأكد أنه في هذه الشكاوى، لا يحتاج المفتش للكشف عن اسم المشتكي في جميع الحالات إذا اختار الأخير أن تكون شكواه سرية.
وتابع “في حال وجود شكوى واحدة من هذا النوع، فإنها تكفي لتحريك فرق الوزارة وإجراء جولة تفتيشية على المنشأة المشتكى عليها”، موضحا أن الشكوى الواحدة تكفي للتعبير عن جميع العاملين في المنشأة، لافتا الى أن خيار السرية متاح للتعامل مع الشكاوى، ولكن هناك بعض الشكاوى التي لا يصلح فيها خيار السرية، مثل طلب شهادة خبرة، لأن هذه الشكوى تخص شخصًا واحدًا.
وأشار الزيود إلى أنه في هذه الحالات، لا يمكن للمفتش التعامل مع الشكوى بسرية، لأنه يتعين عليه ذكر اسم العامل نظرًا لأن الشكوى تتعلق بإجراء محدد لشخص واحد، مضيفا أنه إذا كانت هناك عقوبة محددة بحق شخص معين، وكان صاحب العمل قد اشتكى ولم يتخذ إجراء إلا بحق هذا الشخص، فسيتم كشف اسم المشتكي لأن الشكوى تخص شخصًا واحدًا فقط.
وأوضح أنه إذا كان الإجراء يتعلق بجميع العاملين في المنشأة وطلب المشتكي سرية الشكوى، فيتم التعامل معها بسرية وشفافية كاملة، مشددا على أنه إذا ثبتت مخالفة حقيقية لأحكام القانون والأنظمة الصحيحة، فسيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحق المنشأة المشتكى عليها.
من ناحيته، قال مدير مركز الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية، أحمد عوض، إن سرية الشكاوى التي يقدمها العاملون إلى وزارة العمل عبر منصاتها الإلكترونية تعد مسألة بالغة الأهمية، بخاصة في ظل الانتهاكات العمالية التي يتعرض لها بعض العاملين.
وأضاف عوض، أن هذه الانتهاكات تشمل عدم تسليم الأجور في مواعيدها، أو عدم الالتزام بالحد الأدنى للأجور، أو التمييز فيها، أو عدم تسجيل العاملين في مؤسسة الضمان الاجتماعي، أو احتساب الأجر الخاضع للضمان بأقل من الأجر الحقيقي المتفق عليه، مؤكدا أن هذه الممارسات تشكل مخالفة صريحة لقانون العمل وقانون الضمان الاجتماعي.
وأضاف عوض، أن وزارة العمل تتحمل مسؤولية تعزيز ثقة العمال بآليات تقديم الشكاوى، عبر ضمان حماية هويات المشتكين بشكل صارم، موضحا أن ذلك يتطلب تطوير أدوات إدارية دقيقة وفعالة تحول دون حدوث أي تسريب للمعلومات، مشدداً على ضرورة تطبيق نظام عقوبات واضح وحازم بحق أي موظف حكومي يفصح عن هوية العامل المشتكي، مشيرا إلى أن أي خلل في هذا الجانب من شأنه تقويض فكرة الشكاوى من أساسها، ويثني الكثير من العمال عن المطالبة بحقوقهم.
وتابع “على النقابات العمالية أن تضطلع بدور مركزي وفاعل باستقبال شكاوى العمال والعمل على متابعتها مع الجهات الرسمية ذات العلاقة، بهدف إزالة الانتهاكات الواقعة بحقهم”، مؤكدا أن هذا الدور هو من صميم عمل النقابات وواجبها في الدفاع عن حقوق منتسبيها وحمايتهم من أي تجاوزات.
من جانبه، قال رئيس بيت العمال حمادة أبو نجمة “خلال فترة كورونا، كان بعض العاملين يشكون من أنه عند تقديم شكوى عبر المنصة، يشعرون بأنها تصل لصاحب العمل، وقد تضرر بعضهم من ذلك إما بفصله من العمل أو بتعرضهم لعقوبات أخرى”.
وأضاف “لكن الوزارة بعد ذلك أعلنت أن النظام محكم وسري، ولا يمكن لأي شخص الاطلاع على اسم المشتكي إلا من يصرح له بالنظر في الشكوى”. ومع ذلك، أشار أبو نجمة إلى أنه ما تزال هناك شكاوى من بعض العمال ممن يعتقدون أنهم تضرروا من تقديمهم للشكوى، ويشكون من أن المعلومة وصلت إلى صاحب العمل.
وشدد على أن موضوع السرية بحاجة لمراجعة أفضل، والتأكد من حماية المشتكي بشكل كامل.
“الغد”