قضية الأمير حمزة.. وماذا بعد؟

اما وقد قرر الملك معالجة قضية الأمير حمزة في إطار العائلة الهاشمية، مؤكدا على عفوه، وانه تحت رعايته، فإن الأسئلة التي تحتاج إجابات من السلطة القضائية إن كان مسار التحقيق في القضية المثيرة للجدل والمحيرة سيستمر، وهل ستصدر لائحة اتهامات بحق الموقوفين، أم أن القضية برمتها قد تغلق؟

على كل حال كثيرة هي الأسئلة العالقة التي لم تجب عنها الحكومة، وأبسط قواعد مخاطبة الإعلام غابت، ولهذا زاد تشويش الرأي العام، وأصبح عرضة لتدفق معلوماتي من الخارج لا يمكن تدقيقه، أو التأكد من صدقيته.
للقضية التي شغلت العالم في الأيام الماضية تداعيات لم تتوقف، أو تنتهي فصولها، وربما أول الأسئلة التي لا بد أن تناقش وتطرح، أين كانت الحكومة؟، ولماذا غابت في الساعات الأولى أو تباطأ ظهورها؟، وما هو أثر تقهقر حضورها على استمرارها؟، ومدى ثقة الشارع بها بعد ذلك؟
رئيس الحكومة د. بشر الخصاونة أجرى عملية جراحية في كتفه، وهو يتعافى في منزله، ولكن في هذه الظروف بالغة الحساسية والحرجة ماذا كان يمنع الرئيس من الظهور، وفرض وجود الحكومة حتى وهو يضع حمالة على ذراعه؟
إذا لم تكن الحكومة حاضرة في هذا الوقت فمتى يكون حضورها واجبا، هذا مع لفت الانتباه إلى تغييب وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة صخر دودين عن المشهد، ودفع نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية إلى الواجهة، والنتيجة تركت الحكومة القيادة لغيرها ولحقت متأخرة، ولكنها حكما تدفع الثمن من ولايتها، ومن تأثيرها وقيمة استمرارها ووجودها.
الضرر وقع، ووضع مؤسسات سيادية في واجهة الأزمة يلحق الأذى بها، والأصل أن تظل محصنة وملاذا للجميع.
تأذت الحكومة بشكل بليغ في الأزمة، ولكن الخاسر الأكبر كان الإعلام الوطني الذي فرض عليه الصمت، وأصبح يتفرج على المشهد وكأن الأحداث تقع في مكان قصي لا علاقة له بها.
إذا كانت الدولة تريد الإعلام أن ينقل فقط روايتها للأحداث في زمن الفضاء المفتوح، ومنصات التواصل الاجتماعي؛ فالأفضل أن تطلق عليه رصاصة الرحمة، وأن توفر كل الأموال التي تنفقها عليه إذا كان عاجزا أن يكون الشاهد الأول على ما يجري في بلاده.
بعد هذه القضية لن يصدق أحد إعلامنا، ولن ينتظر أحد أخباره وتقاريره إذا كانت كل المعلومات تأتي من وسائل الإعلام الأجنبية، ومن السوشال ميديا.
وتكتمل حلقات الأزمة بقرار حظر النشر الذي يتكرر ليفرض جدارا جديدا من الصمت على الإعلام الأردني، في حين خارج حدود البلاد لا يلتفت أحد لهذه القرارات التي تصنف على أنها رقابة مسبقة، وتقييد لحرية واستقلالية الإعلام.
لن أناقش قانونية وحدود قرارات حظر النشر، ولكنني ما زلت عند وجهة نظري أنها تخرج عن حدودها، فالأصل أن تنحصر بمحاضر التحقيق فقط.
جاءت قضية الأمير حمزة لتضيف عبئا كبيرا على الأردن الذي يئن من ضربات جائحة كورونا، والكارثة الاقتصادية التي أنتجها، والآن نحن أمام مأزق جديد نبحث عن مخرج له.
لا خيارات كثيرة في الأردن، ولا متسع من الوقت، وعلى الدولة أن تستعيد زمام الأمور، وأول الخطوات إصلاحات سياسية تنهي حالة المراوحة في ذات المكان، وتفتح نافذة للتغيير عمادها مشاركة سياسية حقيقية في الإدارة، وحماية الحريات وحقوق الإنسان، وتعزيز المساءلة والشفافية للحد من الفساد، واولا وأخيرا إعلاء قيم المواطنة وحكم القانون.

أخبار أخرى