صدى الشعب – وجه حفيد المشير حابس المجالي ونجل الفريق وزير الدفاع الأسبق، سند عكاش الزبن، رسالة لأمين عمان، الدكتور يوسف الشواربة، يستفسر فيها عن القرار الأخير حول تركيب سارية العلم في المنازل، و قال الزبن:
هل يأتي الانتماء بالأوامر، أم تُقاسُ الوطنيةُ بقضبان من الحديد تُرفعُ عليها رايةٌ في كلّ حَيٍّ؟
ألا يعلم عمدة المدينة أن الوطن ليس أثاثاً يُنقل، ولا سلعةً تُشترى، ولا قطعةَ قماشٍ تُعلّقُ على سارية؟ بل هو دفقُ دمٍ في العروق، ونبضُ قلبٍ في الضلوع، وعهدٌ لا تُبرمهُ الأقلامُ، وإنّما تصوغهُ الأفعالُ.
هل (يزاود) المسؤول على قومٍ لم يرفعوا رؤوسهم يوماً إلا للعلمِ، ولم يُحنوا ظهورهم إلا في الصلاةِ؟ وهل نسي ما سطّرتهُ أيادي الأردنيين من ملاحمَ، وأنّ ما يراهُ من اعلامٍ ترفرفُ على السواري ما هو إلا ظلٌّ لما يحملهُ القلبُ من ولاءٍ.
فلا تنسى أيها المسؤول أنك تتلقى أجرك من عرقِ هذا الشعب، الذي كان أولى بك أن تخدمه لا أن تحاول تلقينه ما هو أصلٌ فيه، وما جُبِلَ عليه من فطرةِ الانتماء.
فكيف لك أن تطرح سؤالاً في وطنيةِ شعب أقسم على حمايةِ أرضٍ ليس عليها من خفيرٍ سوى عزمه وولائه؟
وإن كنتَ لا تعلم، فاسأل كيف ذابتْ قلوبُ الاردنيين وجعاً لاجل غزة وكيف قاطعوا وعبروا عن غضبهم ، وحافظوا على وطنهم، لا لأجلِ قرارٍ، بل لأجلِ ضميرٍ وطني.
واسأل نفسك عن جائحة كورونا، كيف التفّوا حول قيادتهم وكيف وقفوا خلف دولتهم ومؤسساتهم يداً واحدةً حتى خرجوا من المحنة أقوى وأشدّ عوداً.
بل اسأل كيف آزروا قواتنا المسلحة الباسلة في الحرب ضد الإرهاب واسأل عن الكرامةَ واللطرون وباب الواد، و عن تلك الأجسادِ التي سقطت لتبقى الرايةُ مرفوعةً، وعن تلك الدماءِ الزكيةِ التي روت الأرضَ لتحيا.
أولئك أباؤنا وأجدادنا ونحن أبناؤهم وأحفادهم نقول لك أن العلمَ ليس ما يُرفعُ على السواري، بل هو ما يُحملُ في القلوب.
فالأردنيون يعرفون رايتهم بألوانها، التي هي كالمواسمِ الأربعةِ في كلّ عامٍ، و يتجدّدُ فيها العهدُ والولاءُ للوطن ، وبأن العلمَ الأردني حقيقةٌ راسخةٌ في الوجودِ.
إنّ العلمَ -يا عمدة المدينة – أسطورةٍ تُروى وليس مجرد سارية تُنصب، ولو أراد الوطن أن يتحدث عن ذاته لقال إنّ في كلِّ حجرٍ من جبالِ الأردنِ قسماً بالوفاءِ وفي كل نهر ووادٍ وصحراءَ رايةً لا تُـنَـكّـسُ، وفي كل زيتونة ونخلة وسنبلة عهداً بالكرامةِ ، وعلى جبين كل أردني حر بياناً يقول : “نحن السارية ونحن العلم”.
“للحديث بقية”






