صدى الشعب – سليمان أبو خرمة
أثار قرار مشروع نظام التعلم الإلكتروني في المؤسسات التعليمية المدرسية جدلًا واسعًا بين أولياء أمور الطلبة والوسط التعليمي وتباينت الآراء بين السلبية والإيجابية، حيث يرى البعض أن هذا القرار جاء بشكل استعجالي، خاصة بعد ما نتج من آثار سلبية عن تجربة التعلم عن بُعد خلال جائحة كورونا، والتي أسفرت عن ارتفاع معدلات الفاقد التعليمي.
من ناحية أخرى، هناك آراء إيجابية تشير إلى أن التعلم الإلكتروني يمكن أن يكون مفيدًا في حالات خاصة.
وقالت الخبيرة التربوية الدكتورة هدى العتوم، إنه وعند النظر إلى التجارب التي تنفذها وزارة التربية والتعليم تجد هناك وجود استعجال دائم في خطوات الوزارة، فمثلا الرغم من التصريحات الإيجابية حول التوسع في المسار المهني، إلا أنه حتى الآن على أرض الواقع لا يوجد أرضية للعمل.
وأضافت العتوم بحديثها لـ”صدى الشعب” أن العديد من الطلاب الذين تقدموا لهذا المسار وكانوا متفائلين به تراجعوا وذلك بسبب بعد المراكز التي حددتها الوزارة عن أماكن سكنهم.
وتابعت أن الاستعدادات الفعلية والميدانية تمثل الأساس الأساسي لأي توسع، وحتى الآن، لم تصرح وزارة التربية والتعليم بشكل رسمي بشأن استعدادها لتنفيذ التعليم المهني أو التعليم الإلكتروني.”
وأشارت الى أن القرار إيجابي، ولكن يبقى السؤال حول التجهيزات التي تم توفيرها من قبل وزارة التربية والتعليم، مضيفة أن معظم التجهيزات الموجودة في المدارس حاليًا تعتبر قديمة، وبالإضافة إلى ذلك، التزويدات السنوية لا تكفي لتلبية احتياجات المدارس بشكل كامل.
واكدت أن التوجه نحو التعليم الإلكتروني، الذي تسعى له وزارة التربية والتعليم، يتطلب التحضير والتخطيط بشكل أفضل حيث ينبغي تدريب كوادر الوزارة مسبقًا، مضيقا ان القضية اكبر واعلى من ارتقاء وبث فيديو
وأوضحت أن الطلاب سيواجهون صعوبة في التعامل مع هذا التوجه بسبب نقص أجهزة الإلكترونية في منازلهم وعدم قدرة الأهالي على تحمل تكاليف الإنترنت الشهرية أو حتى توافرها بشكل مجاني.
ولفتت إلى أن التعليم الإلكتروني سيكون عبءًا جديدًا على أولياء الأمور، حيث يتطلب جزءًا جديدًا من التكاليف المادية، بما في ذلك تحديث الأجهزة وزيادة عددها. وهذا يستدعي وجود ميزانية مخصصة لعدة أسباب، بما في ذلك تغطية الفواتير الإضافية التي قد تنجم عن هذه العملية.
وتعتقد العتوم أن الوزارة ليست مستعدة لمواجهة التحديات المتعلقة بالتعليم الإلكتروني، مضيفة أن أولياء الأمور سيجدون صعوبة كبيرة في توفير عدد كاف من الأجهزة لتعليم أبنائهم، حيث أن معظم البيوت ليست مجهزة بالعدد اللازم. حتى الطلاب في الجامعات يواجهون صعوبة في الحصول على الأجهزة الإلكترونية، على الرغم من بعض الجهود التي تبذلها الجامعات ولكن وزارة التربية لن تغطي هذا الجانب
وبينت ان سلبيات التوجه نحو التعليم الإلكتروني، كثيرة وأن هناك تحديات كبيرة تتجاوز مجرد ضعف البنية التحتية، مؤكدة على أن التعلم الوجاهي يظل أساسيًا في عملية التعلم، حيث لا تكون المعلومة وحدها هي الجوهر، بل التكامل مع مجموعات التعلم وتبادل المعرفة وبناء العلاقات الإنسانية تأتي في المقام الأول وهو ما يعيقه التعليم الإلكتروني.
وأضافت ان الأهالي يكرهون ان يمسك ابناءهم الأجهزة الالكترونية والألعاب الالكترونية بسبب انه اصبح يفقد العلاقات الاجتماعية، مشيرا ان القرار يزيد من العبء على الأهالي في ضبط هذه العملية لانه أصبحت دراستة على الأجهزة.
وأشارت الى ان الأهالي يعبرون عن قلقهم من زيادة استخدام الأطفال للأجهزة الإلكترونية والألعاب الإلكترونية مما يؤثر سلبًا على العلاقات الاجتماعية لأبنائهم، مضيفة إلى أن هذا القرار يضع عبء إضافي على الأهالي في محاولة ضبط هذه العملية، خصوصًا أن دراستهم ستكون على الأجهزة.
وأكدت أن التعلم الإلكتروني يمكن التوجه نحو استخدام في سياقات وظروف خاصة، مثل التعلم عن بعد في حالات الظروف الجوية السيئة، بهدف توفير فرص التعلم للطلاب في أي وقت ومكان ولكن ليس باستخدام مادة علمية وانما استخدام الأفلام الوثائقية والألعاب التعليمية في تعزيز فهم الطلاب للمواد العلمية مثل الرياضيات والفيزياء ، مضيفة ان هذه الوسائل يجب أن تكون مدروسة ومنظمة بعناية لتحقيق أقصى استفادة منها.
وأشارت إلى أن العديد من الجامعات تتجه نحو توسيع نطاق التعلم الإلكتروني، حيث ان يكون التعليم 50% منه الالكتروني حتى تزيد سعة القاعات وهو ما يمكن ان يفقد التعليم جودته.
ونوهت الى أنه يجب أن نعتني بالتطور والتحديث في مجال التعليم الإلكتروني، ولكن يجب أن يتم ذلك بحيث لا يتم التضحية بالقيم الأصلية والمبادئ الثابتة. ينبغي أن يكون التعليم الإلكتروني عنصرًا داعمًا لعملية التعلم داخل الصف الدراسي ولا يجب أن يكون بديلاً عنه.
من جانبها قالت الخبيرة التربوية الدكتورة ميرفت سرحان ان قرار التعليم الإلكترونية بالمدارس يحمل في طياته العديد من الجوانب السلبية اكثر من الجوانب الإيجابية..
أكدت سرحان في حديثها لـ”صدى الشعب” أن التعلم الإلكتروني كان ضروريًا في السابق نظرًا للظروف الخاصة، ولكن في الوقت الحالي لا يعد ضروريًا.
وأشارت إلى أن تطور الأطفال يتطلب النمو في الجوانب العاطفية والاجتماعية والفكرية، وهذا يتطلب التفاعل مع الآخرين والاندماج معهم. كما أن النواحي الجسدية للأطفال لا تتطور بشكل كافي في التعليم الإلكتروني.
وأضافت إلى أن التعلم الإلكتروني قد يقدم المعرفة ولكنه يفتقر إلى توجيه ومتابعة فعالة من المعلم. كما قد يؤدي إلى تقليل التواصل بين الطلاب ويقلل من التنافس الإيجابي بينهم.
أشارت إلى نقص الأجهزة الإلكترونية في العديد من المدارس الحكومية وصعوبة الوصول إلى التعليم الإلكتروني بالنسبة لبعض الطلاب، مما يزيد من أعباء الأهالي.
يذكر انه في إطار جهودها لمواجهة التحديات التي نجمت عن جائحة كوفيد-19 خلال عام 2020، قامت وزارة التربية والتعليم بتنفيذ خطة للانتقال من التعليم الوجاهي إلى التعليم عن بعد. ورغم ضرورة هذا الإجراء، إلا أنه أثار العديد من التحديات.
تضمنت هذه التحديات ضعف الإمكانيات المادية والبنية التحتية التكنولوجية للطلاب والمعلمين في منازلهم، بالإضافة إلى نقص المحتوى التعليمي التفاعلي على المنصات التعليمية.
ونتيجة لهذه التحديات، شهد الطلاب تراجعًا في التحصيل مما أدى إلى حدوث فاقد تعليمي وعلى اثره قررت وزارة التربية والتعليم زيادة أيام العام الدراسي لهذا العام بمقدار أسبوعين، وتقليص فترتي العطلتين الصيفية والشتوية المقبلتين، في إطار خطتها لمعالجة الفاقد التعليمي الذي يعاني منه الطلاب نتيجة تفشي جائحة كوفيد-19.”
يذكر ان مجلس الوزراء في جلسته التي عقدها اليوم الأربعاء الماضي وافق على الأسباب الموجبة لمشروع نظام التعلُّم الإلكتروني في المؤسَّسات التَّعليميَّة المدرسيَّة لسنة 2023م؛ تمهيداً لإرساله إلى ديوان التَّشريع والرَّأي لاستكمال إجراءات إصداره حسب الأصول.
ويهدف مشروع النِّظام إلى تمكين المؤسَّسات التَّعليميَّة من اللُّجوء إلى التَّعلُّم الإلكتروني لدعم عمليَّة التعلُّم والتَّعليم، أو في الحالات الاستثنائيَّة الطَّارئة التي تحول دون وصول المدرِّسين والطَّلبة إلى مدارسهم.