مدير عام معهد الإدارة العامة المهندسة سهام الخوالدة تتحدث لصدى الشعب
المعهد قام بتدريب أكثر من 61 ألف موظف وموظفة في مختلف محافظات المملكة
ولي العهد أكد على أهمية تنفيذ برامج تدريبية متقدمة لرفع كفاءة الجهاز الإداري وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين
صدى الشعب – راكان خالد الخريشا
يُعد معهد الإدارة العامة من الركائز الأساسية لتطوير القطاع العام في الأردن، حيث يلعب دورًا محوريًا في بناء القدرات وتأهيل الموظفين لضمان أداء مؤسسي متميز يواكب متطلبات العصر والتحديات المتجددة، ومن خلال رؤية استراتيجية شاملة يعمل المعهد على تمكين الموارد البشرية عبر تصميم وتنفيذ برامج تدريبية نوعية ومتنوعة تربط بين تطوير المهارات وتحقيق الإصلاح الإداري والاقتصادي الوطني، وفي لقاء خاص لـ”صدى الشعب” تحدثت المهندسة سهام الخوالدة، مدير عام معهد الإدارة العامة تجربتهم الناجحة في تطوير وتأهيل الكوادر، مستعرضة أبرز الإنجازات والتحديات، ورؤى المستقبل التي تعزز دور المعهد في دعم مسيرة التنمية الوطنية
قالت الخوالدة إن المعهد يعد ركيزة أساسية في تطوير القطاع العام بالأردن من خلال بناء قدرات الموظفين وتأهيلهم لمواكبة متطلبات العصر، وتحقيق أهداف خارطة تحديث القطاع العام.
وأضافت الخوالدة إنّ التغيرات المستمرة والمتسارعة والتحديات التي تواجه مؤسسات القطاع العام تستوجب تطوير قدرات العاملين وتأهيلهم ليكونوا قادرين على تحقيق الإصلاحات والتحديثات المستمرة التي تشهدها هذه المؤسسات، والتي تمثل العمود الفقري لأي دولة تنشد التقدم والازدهار، ونوهت إلى أنّ دور معهد الإدارة العامة هو دور محوري ورئيسي حيث انه معني ببناء القدرات وتأهيل الموارد البشرية، الذي يعتبر العنصر الأهم في أي منظومة تطويرية
خطة استراتيجية طموحة
قالت الخوالدة إن المعهد يمتلك خطة استراتيجية للفترة من 2023 حتى 2025 مواكبة ومتوائمة مع خارطة تحديث القطاع العام والتوجهات الوطنية، حيث تم إنجاز أكثر من 90% من المشاريع المقررة ضمن هذه الخطة مشيرة إلى أن العمل جارٍ على إعداد خطة استراتيجية جديدة للأعوام الثلاثة المقبلة لتعزيز المنجزات يتم بناءها على ما تم انجازه واستكمالا للجهود المبذولة لتعزيز دور المعهد في تطوير الكفاءات الحكومية.
إنجازات بالأرقام وتطوير مستمر
من 2022 وحتى اليوم، درّب المعهد أكثر من 61 ألف موظف وموظفة في مختلف محافظات المملكة، عبر برامج متخصصة تشمل المهارات القيادية والتقنية والإدارية والرقمية، وأكدت الخوالدة إن المعهد يركز على النوعية بقدر تركيزه على العدد، ويعتمد أساليب تدريبية حديثة مثل المحاكاة ودراسات الحالة، ويستعين بنخبة من المدربين الأردنيين والدوليين.
زيارة سمو ولي العهد
أشارت الخوالدة إلى أن سمو ولي العهد قام بزيارة مفاجئة للمعهد قبل عامين، وأكد خلالها أهمية تنفيذ برامج تدريبية متقدمة لرفع كفاءة الجهاز الإداري، وتحسين جودة الخدمات المقدمة للمواطنين بعيدًا عن البيروقراطية، واعتبرت أن هذه الزيارة كانت حافزًا كبيرًا لمواصلة تطوير البرامج بما يتماشى مع تطلعات القيادة الهاشمية.
تقييم علمي لبرامج التدريب
ونوهت الخوالدة إلى أن المعهد حريص على تقييم البرامج التي ينفذها وذلك للتاكيد من انها تحاكي الاحتياجات الفعلية وتحقق الاهداف التي وضعت من اجلها حيث يعتمد المعهد منهجية عالمية معتمدة لتقييم وقياس أثر التدريب، وهي “كيرك باتريك” (Kirkpatrick Model)، التي بدأ تطبيق المستوى الاول منها (الانطباعات) منذ عام 2020 على جميع البرامج التدريبية، حيث يُقاس رضا المشاركين بشكل كامل وعلى كافة عناصر العملية التدريبة (المواد، المدرب، البيئة ، الاجراءات، وغيرها)، وتظهر النتائج اتجاه إيجابي مستمر بنسب تتجاوز 92%.
وأوضحت أن ايضا ان المستوى الثاني من المنهجية اظهر تحسن ايجابي على مدار السنوات 2020-2024 وهو يمثل نسبة التحسن في المعرفة والمهارات الفنية والمعرفية و بلغت نحو 40% خلال عام 2024، في حين أن تقييم تغيير السلوك في بيئة العمل أظهر نتائج جيدة إلى ممتازة في برامج محددة جرى تنفيذها عام 2023.
كما أكدت الخوالدة إن المعهد يعمل حاليًا على تفعيل المستوى الرابع والذي يتم من خلاله قياس اثر البرامج التدريبة على مستوى الادراء المؤسسي وقياس العائد من الاستثمار من برنامج التدريب للأفراد المرتبط بتحسن اداء.
وأضافت الخوالدة من حرص المعهد على التطوير المستمر والتاكد من نجاعة اجرائاته وجودة خدماته فإنه يستعين حاليا بجهة خارجية لاجراء تقييم خارجي مستقلًا لأدوات وأساليب التقييم التي يتبناها لضمان دقتها وشفافيتها، وهو ما يعزز التزام المعهد بمعايير الجودة التي تجلت في حصوله على شهادة ISO 21001 لإدارة الجودة في المؤسسات التعليمية مما يعكس ثقة الشركاء والمستفيدين في أنظمة التدريب والتقييم المعتمدة.
الرد على الانتقادات
رداً على الانتقادات التي توجه للمعهد بأنه يكرر نماذج تدريبية روتينية، أكدت الخوالدة إن النقد محل احترام، وأن المعهد حريص على رصد كافة الملاحظات والتغذية الراجعة ويعتبرها فرصا ومجالات للتطوير، مشددة على حرص المعهد على تحديث المحتوى التدريبي بشكل مستمر ليعكس التحديات الفعلية التي تواجه القطاع العام، حيث يتم مراجعة محتوى البرامج التدريبية بصورة دورية، استجابةً للتغذية الراجعة من المدربين والمتدربين والشركاء، وبالاستعانة بنخبة من المدربين الأردنيين المؤهلين وخبراء دوليين.
وأوضحت الخوالدة إن المعهد يُعد خطته التدريبية السنوية بالتعاون مع الدوائر الحكومية، استناداً إلى الاحتياجات الفعلية، ويحرص في تصميم وتنفيذ برامجه على توظيف تمارين محاكاة واقعية، ودراسات حالة فعلية، ومنهجيات تدريبية تفاعلية مبتكرة، بما يعزز من فاعلية العملية التدريبية ويضمن تحقيق أثر ملموس على الأداء.
إعداد وتأهيل القيادات الحكومية
قالت الخوالدة المعهد يولي اهتمامًا خاصًا ببرامج تطوير القيادات الحكومية بمختلف مستوياتها، حيث وبموجب تعليمات ادارة القيادات المستقبلية يطلق المعهد مسار “فرصة” لتأهيل القيادات الشابة وإكسابهم مهارات القيادة الحديثة، ومسار “ارتقاء” المخصص لإعداد القيادات التنفيذية القادرة على إدارة التغيير وتحقيق الأهداف الاستراتيجية.
برامج نوعية وشهادات احترافية
اوضحت الخوالدة إن المعهد استحدث برامج تدريبية في مجالات التحول الرقمي، الحوكمة الرشيدة، تقييم الأثر التنظيمي، والدبلوم الاحترافي في السياسات والإدارة العامة، إضافة إلى شهادات احترافية في الذكاء الاصطناعي، وإدارة المشاريع (PMP)، والموارد البشرية (SHRM).
واشارت الخوالدة إن المعهد نفذ برنامجا متخصصا يعنى بتعزيز قدرات العاملين في الصفوف الأمامية One Stop Shop))، والذي يهدف إلى تمكين موظفي مراكز الخدمات الحكومية الشاملة من تقديم خدمات متميزة تلبي احتياجات المواطنين بكفاءة واحترافية، ويشمل ذلك تزويدهم بالمهارات العملية، وأدوات التواصل الفعّال، وأحدث الأساليب في تحسين تجربة الخدمة إضافة الى حزمة كبيرة من البرامج التدريبية النوعية في مجالات الإدارة والسياسات العامة.
واكدت الخوالدة إن المعهد يعمل على تطوير برامجه بشكل مستمر بما يتلائم مع التغيير المستمر فيً كافة المجالات وبما يساهم في تطوير الكفايات اللازمة لمواكبة تلك التغييرات
مبادرة التدريب المستمر
أوضحـت الخوالدة أن المعهد ينفذ مبادرة “التدريب المستمر” التي تستهدف إعادة تأهيل الفئات المستهدفة بشكل استباقي، لسد الفجوات الوظيفية وتحسين الأداء المؤسسي والفردي، مما يسهم في رفع كفاءة الجهاز الحكومي وتحقيق التطوير المستدام.
الموازنة والنمو في الأداء
اشارت الخوالدة إن موازنة المعهد تشهد زيادة سنوية، إذ بلغت في العام الحالي نحو 2,156,000 دينار، بزيادة تفوق 20% مقارنة بالعام السابق، وذلك نتيجة ارتفاع أعداد المتدربين وتوسع المشاريع، وتخصص الموازنة لرواتب الموظفين، وأجور المدربين، وشراء الأجهزة والمعدات، والصيانة، والخدمات، والقرطاسية، ويتم تقييم العائد من هذه النفقات وفق موازنة موجهة بالنتائج لضمان تحقيق الأهداف بكفاءة.
معايير دقيقة لاستقطاب المدربين
ونوهت الخوالدة إن المعهد لا يعتمد على مدربين دائمين، بل يستقطب خبراء مؤهلين من داخل الأردن وخارجه وفق آلية دقيقة تشمل المقابلات، والاختبارات العملية، وتقييم مهارات العرض والتواصل والكفاءة التدريبية، ويُختار ثلاثة مدربين لكل برنامج كجزء من إدارة المخاطر وضمان الجودة، وتتم متابعة أدائهم عبر تقييمات المشاركين، كما يحتفظ المعهد بقاعدة بيانات محدثة تضم مئات المدربين المعتمدين، وتُراجع بانتظام.
شراكات محلية ودولية
اوضحت الخوالدة إن لدى المعهد تعاون واسع مع جامعات أردنية وعربية ومعاهد إقليمية ودولية، إضافة إلى مشروع توأمة مع الاتحاد الأوروبي لتبادل أفضل الممارسات في الإدارة العامة والتحول الرقمي، والاستفادة من المنح الدولية.
وأكدت الخوالدة وجود شراكات واسعة ومفعلة مع جهات محلية وإقليمية ودولية، مثل الجامعة الألمانية الأردنية، جامعة الحسين التقنية، جامعة مؤتة، جامعة اليرموك، ومعاهد عربية وإقليمية في ليبيا وتونس.
وعلى الصعيد الدولي، يشمل التعاون مع كلية الخدمة المدنية في سنغافورة، والمدرسة الوطنية الإيطالية للإدارة، وجامعة كيل الألمانية ومدرسة سعيد للإدارة – اكسفورد، وغيرها، وبالإضافة إلى مشروع التوأمة مع الاتحاد الاروربي “تعزيز قدرات معهد الإدارة العامة الأردني” ،والمكون من إتلاف كل من ألمانيا وفنلندا وكرواتيا، الذي يهدف إلى تبادل أفضل الممارسات في الإدارة العامة والتحول الرقمي بالإضافة الى وجود العديد من المنح من مؤسسات دولية مختلفة كالوكالة الألمانية للتعاون الدولي، والوكالة الايطالية للتعاون الإنمائي.
وأضافت الخوالدة إن المعهد يستفيد من تبادل الخبرات وتدريب القيادات على المستوى الدولي، مع توفير برامج متخصصة تقلل من الكلفة عبر جلب خبراء دوليين إلى الأردن.
مواكبة التطور الجغرافي والتقني
قالت الخوالدة يمتلك المعهد فروعًا في الشمال (اربد – جامعة اليرموك) والجنوب (الكرك- جامعة مؤته)، وينظم برامج في جميع المحافظات، ويتيح التدريب الإلكتروني عن بُعد، والتدريب الذاتي حيث تم تطوير منصة تدريبية الكترونية خاصة بالمعهد تحاكي الممارسات العالمية، ما يضمن وصول خدماته التدريبية لجميع الموظفين في أي وقت.
واختتمت الخوالدة بأن المعهد يواصل رسالته في تمكين الموارد البشرية وتعزيز الأداء المؤسسي، ليبقى حجر الزاوية في مسيرة التحديث الإداري بالمملكة، من خلال مناهج مبتكرة وتقنيات متطورة وشراكات استراتيجية
