صدى الشعب – كتب رئيس التحرير خالد خازر الخريشا
الهموم تكبر، وصداها لا يكاد يفارق أذنيه، ليعود من جديد، كلمات ترن كل صباح ومساء في أذان أرباب الاسر التي انهكها الراتب المعاش وكلما اقتربت الأيام ودنا موعد العيد بعض الاباء من الفقراء ينظر الى هذه الايام المباركة نظرة سوداوية بسبب الجيوب الفارغة وقصر ذات اليد، والرواتب اليتيمة التي جاءت تحت قاعدة الضحك على الذقون صغارهم يحسبون الأيام والساعات ليأتيهم العيد هذا العام بكل ما هو مبهج، من حقهم أن يحلمون الالتفاف حول «خروف» العيد وسقايته بآخر جرعات من الماء إيذاناً بذبحه ليتمدد طريح الأرض أمام بوابة منزلهم، تلك الصورة التي تأبى أن تفارق أعينهم في كل عام لكن الفقر ضيف دائم يأبى مغادرة عتبات منازلهم ، تكاثرت عليهم هذا العام الاعباء المالية بسبب مسلسل غلاء المعيشة الذي يتفاقم مع كل صباح جديد، وبسبب شوال الضرائب الذي تفرضه الحكومات هموم باتت تتراكم لتؤدي الى امل مظلم وضائع وحلم بعيد المنال لاقتناء خاروف العيد .
تزامن عيد الأضحى لهذه السنة مع تنامي أعباء الأسر الاردنية وهذا الحال يأبى ان يفارقهم، فما إن انتهت الاسر المنهكة من إحصاء تكاليف رمضان وعيد الفطر ثم الدخول المدرسي والجامعي، حتى هل هلال الأكباش وهي تتراقص في كل سنة على أسعار فاقت قدرة المواطن الشرائية وبالنسبة إلى المتتبعين، أسعار الاضاحي البلدية فلكية في ظل تآكل الدخول حيث يرى مراقبون ان خاروف العيد خلال السنوات الماضية للفرجة فقط لكن هذا لم يمنع ميسوري الحال من الطبقة الغنية ومن الطبقة المخملية من تنفيذ هذه السنة المؤكدة سنويا .
مع إطلالة العشر الأوائل من ذي الحجة أو ما يصطلح عليه ب”العواشر” تبدو حركية الأذهان ويملأ حديث الناس الانشغال بتدبير خروف العيد “الكبير” أو عيد الأضحى وإذا كان الفقراء والمعوزين واصحاب الدخول المسحوقة ، قد تخلصوا لحسن حظهم من هذا الهوس، فإن اصحاب الدخول من الطبقة الوسطى التي قرأت الحكومات الفاتحة عليها، أيا كانت وظيفتهم، يصرفون جزءا غير يسير من تفكيرهم في ترتيب الأجرة الشهرية للحصول على “كبش” العيد .
وتزداد وطأة الإحساس والهم بتدبير خروف العيد ارتباطا بالنظرة الاجتماعية للمضحي وغير المضحي، وأمام رغبة الأبناء الملحة في مداعبة خروف العيد والتلذذ بشواء لحمه وصنوف طهيه، وهي فرصة قل أن تتكرر إلا بحلول المناسبة ويؤكد رجال الدين إن المناسبة في أصلها الشرعي ليست هرولة “لحمية” وأزمة “مادية”، إنها في أصلها سنة مؤكدة من عملها أجر، ومن تركها لا يزر، سنة تعيد للأذهان الانقياد الطوعي لشرع الله وحوار الطاعة المطلقة بين أب الأنبياء والذبيح إسماعيل عليهما السلام .
وفي المقابل يعاني الفقراء وذوو الدخل المحدود منذ سنوات من ارتفاع أسعار الخرفان البلدية والخرفان متعددة الجنسيات بسبب المضاربات في البيع التي يقوم بها مختصون في السمسرة بأسواق الأغنام، حيث يقومون بشراء الأكباش بثمن معين من لدن أصحابها ومربيها، ثم يعيدون بيعها للزبائن بسعر أعلى في ظل فشل الحكومة في وضع أسعار ثابتة لهذه الخراف منعا للاستغلال والاحتكار فالطاسة ضايعه .
ويعبر الفقراء عن نفورهم من شراء الخاروف البلدي خلال عيد الأضحى بسبب ثمنه المرتفع الذي يجعل الموظف الصغير أو العامل البسيط عاجزا تماما حتى عن لمس صوف هذا الصنف من الأكباش .
لابل يحلم الفقراء وبعض الأرامل منذ عشرات السنين ان يكون في حوش منزلهم خاروف العيد تترنم بصوت ثغائه وتتحقق امنيتهم بالأضحية لكنهم في المقابل يرتطمون باحلام اليقظة بعد ان يصحوا من غفوتهم ويتفاجئوا بالأسعار الفلكية لخاروف العيد مع قلة ذات اليد ويكتفوا بالقول ان سيد الخلق ضحى عن أمته ( بكبشين أملحين) والفقراء وجهوا رسالة رثاء للخاروف منذ سنين وتمنوا على الحكومات الرشيدة بث ذبائح العيد بصورة مباشرة من اماكن بيع الاضاحي التي اعدتها وخصصتها الامانة والبلديات لانهم اصبحوا لا يشاهدوا الخاروف البلدي الا في الافلام الوثائقية
لسان حالهم ( صوفه وخاروفه وعيني ما تشوفه ) .